الإداريون الكرويون واللاعبون يعانون أزمة في انتقاء مفرداتهم.. في مسلسل أيام شامية يحاول ناجي جبر تعلم مهنة الحلاقة على يد سليم كلاس، وعندما بدأ بحلاقة ذقن أحد الزبائن قال: بسم الله..
اشتاط كلاس غضبًا وصرخ في وجهه وقال: "لا تقول بسم الله، التسمية ما مستحسنة في شغلتنا"..
هذا دليل يمكننا العودة إليه كلما سمعنا أحد اللاعبين يستعد للتصريح والحديث بعد المباراة أو قبلها.. أول شيء بسم الله الرحمن الرحيم.. ثم ينطلق في عبارات متداخلة وجمل غير مفيدة لا تعرف أحيانًا ماذا يقصد منها.. أعرف أن اللاعبين ليس الكلام مهنتهم، وأعرف أن ذكر الله طيب ومبارك ومطلوب، اللهم رطب ألسنتنا بذكرك في كل حين.. لكن هذا فقط لوضع الأمور في نصابها.. وإذا كان أي لاعب يبدأ خطابه بالتسمية؛ فلماذا جميعهم يتفقون على كلمة أول شيء.. هذه زيادة ليس لها مقام أو معنى، سوى أنه تقليد وطريق يسير عليه ويسلكه اتباعًا لمن كان قبله لا أكثر ولا أقل، وكأن اللاعب لا يسمع أحاديث تلفزيونية إلا للاعب مثله؛ ما جعل حكاية "أول شيء" تنتشر بينهم كالموضة والعادة والطباع المتشابهة.. وغير بعيد عن اللاعبين يأتي رؤساء أنديتهم والإداريون.. هؤلاء أيضًا يقولون ويتفقون على كلمة مستنسخة يظنون أنها الجملة المناسبة في المقام المناسب في الوقت المناسب، على الرغم من أنها تأتي دائمًا وأبدًا بلا دلالة وبلا مناسبة.. عدنا إلى مكاننا الطبيعي..
فريق يصارع الزمن والظروف في الدرجة الثانية عشرين عامًا، وفي الدرجة الأولى عشرين عامًا أخرى، ثم يصعد ويلعب موسمًا واحدًا فقط مع الهلال والنصر والاتحاد والأهلي، ثم يعود أدراجه إلى مصاف الدرجة الأولى محملًا بهزائم وخسائر باهظة، وكأنه سائح ذهب إلى بلاد لا يعرف عنها أي شيء وسرقت حقائبه وأمواله عقب وصوله مباشرة، واضطر غير باغٍ إلى العودة على أقرب طائرة..
وبعد عامين ينافس هذا الفريق بضراوة وينجح بالحظ أو بغيره، ويصعد مجددًا لمجاراة الكبار ويخرج رئيسه واثقًا مزهوًّا منتشيًا بالإنجاز ويقول بكل ثقة: "عدنا إلى مكاننا الطبيعي".. وهذا كلام يقوله كل الصاعدين إلى مصاف أندية الاحتراف، حتى خيل لنا أن كل الأندية صغيرها وكبيرها وعريقها ووضيعها مكانها الطبيعي في مكان واحد.. وغدًا نكمل!