تحدثت في المقال السابق عن إصدار الهيئة العامة للإحصاء مطلع مايو الجاري، وهي الجهة التي تقوم بعملها باحترافية عالية، فتعطينا أرقامًا مهمة ودقيقة في كافة المجالات، بما فيها المجال الرياضي ـ الذي أتمنى أن تخول رسميًّا بعمل إحصائيات واسعة فيه، تمتد إلى كافة منافساتنا الرياضية ـ، وهي التي كشفت في أحد جوانبه فضيحة مدوية تفيد بأن نسبة ممارسي الرياضة في المدارس والجامعات لا تتجاوز 1.63% فقط، وهي نسبة خطيرة سيكون لها انعكاساتها السلبية على صحة الإنسان السعودي؛ فالرياضة في وقتنا الراهن باتت روشتة الأطباء الأولى لكل الأمراض، وفي الوقت نفسه، تعكس هذه النسبة إهمال أحد أهم عوامل نشر وتطوير الألعاب الرياضية كما جاء في برنامج جودة الحياة.
فدول العالم المتقدمة رياضيًّا تعتمد كليًّا على المدارس والجامعات في تطوير ألعابها الرياضية واستقطاب النجوم منها، بل تتنافس في ذلك؛ ففي أمريكا مثلاً تُقدَّم منح دراسية للرياضيين المتميزين، وتشهد النزالات الرياضية إقبالاً شديدًا مصحوبًا بتغطية إعلامية شاملة، بل تفتخر الكليات والجامعات بمخرجاتها الرياضية؛ فهاهي كلية كينتاكي وايلد كاتس Kentucky Wildcats تتفاخر بأنها الأكثر إنتاجًا لنجوم دوري كرة السلة الأمريكية، حيث قدمت 25 لاعبًا مسجلاً رسميًّا في كشوفات الـ NBA حاليًا.
في الواقع أننا إذا ما أردنا لرياضتنا أن تنتشر وتتطور؛ فمن المفترض أن نركز على مأسسة العمل الرياضي وتعضيد البنى التحتية أولاً، ثم نلتفت إلى الرياضة المدرسية والجامعية أسوة بمن سبقونا في هذا المجال؛ فهم يعتمدون كليًّا على المدارس والكليات والجامعات في تطوير الأنشطة الرياضية لديهم. ولقد حققوا النجاح المأمول، ولا ضير أن نبدأ من حيث انتهوا، ذلك عبر زيادة عدد الحصص الرياضية الأسبوعية مع تفعيل دوري الفصول ثم المدارس والجامعات والتعريف بأهمية ممارسة الرياضة صحيًّا، إضافة إلى تدريس الرياضة كمادة علمية يخضع الطلاب فيها لاختبارات في قوانين الألعاب، مع منحهم فرصة اختيار اللعبة التي يريدون أن يزاولوها، ومن لم يرغب في المزاولة رسميًّا؛ فمن الممكن أن نتيح له فرصة العمل في الجهاز الإداري بالأندية، عندها أجزم بأننا سنصنع جيلاً رياضيًّا مثقفًا يشارك في اللعبة أو يعمل بجهازها الإداري أو على أقل تقدير، ننشئ جيلاً يفهم قوانين وأنظمة الألعاب الرياضية؛ لنقضي بذلك على الجهل الرياضي، مع ضرورة عدم إغفال ملاعب الأحياء وأكاديميات الأندية التي تتكامل في دورها مع المدارس والجامعات، لنصل إلى أهدافنا المنبثقة عن رؤية 2030.