|


أحمد الحامد
الحب مرات أخرى
2018-05-22

لم أجد أسعد من إنسان ملأ الحب قلبه، نقاء سريرته سر من أسرار سعادته، ولم أجد أتعس من إنسان ملأ الحقد قلبه، سوء تفكيره ملأ حياته بالتعاسة، حامل الحب قوي جدًّا، وحامل الكُره ضعيف جدًّا، حامل الحب منطلق ومتجاوز، حامل الحقد متوقف متراجع.



المحيطون بالإنسان المحب ينعمون بوجوده، المحيطون بالإنسان الكاره مبتلون به، صناعة الشخصية السليمة أساسها الاحترام، الشخصيات السيئة عادة كاذبة متلونة تبرر كثيرًا حتى تغطي كمية الحسد وسوء النية تجاه الآخرين، الكتب التي حاول كتّابها أن يعطوا القارئ بعض النقاط التي تقوي الشخصية وتحاول أن تجعل منها ناجحة الكثير من هذه الكتب لا تصلح لبعض الناس؛ لأنها ركزت على تعلم الجوانب التي تتطلب وجود أساسيات لدى الشخص نفسه، أولها أن يكون طبيعيًّا، البناء يكون على أرضية صلبة، لا على أرضية منهارة، أعرف أن على هذه الحياة هناك أشياء تتكرر، الطيبون يتكررون، والسيئون كذلك، السعادة صناعة أيضًا تبدأ من داخل نفس الإنسان، والذي لا يملك القدرة على صناعتها بحب الآخرين أو على الأقل عدم الحقد عليهم يستطيع أن يتدرب على صناعتها، يحزنني أن يشغل الإنسان نفسه بالآخرين ولا ينشغل بنفسه، بتطويرها للأفضل، في الاهتمام بروحه واستقرارها، الحياة لا تحتاج إلى قسوة، تحتاج إلى حب، كل من زرع وعامل الأرض بحب أعطته خيرًا كثيرًا، وكل من زرع المرة والحقد حصد سوء الخُلق وابتعاد الآخرين عنه، كل أم حملت طفلها ولاعبته صغيرًا، ظنت كل الظن بأن طفلها الذي تحمله بين يديها هو الخير كله، لا تخذلها! يعيش الإنسان على هذه الأرض عمرًا محدودًا يكتب في صفحاته صفاته، ويترك إرثًا معينًا، أجمل الورث هو العنوان المحمود الذي يتركه لأبنائه، لا تعادله الأموال ولا القصور، يترك لهم مفاتيح قلوب الناس تقديرًا لهم؛ لأنهم أبناء ذلك الذي رحل وترك في قلوبهم آثار محبته لهم، سيئ الحظ هو من لا يتخلص من كراهيته، فيعيش بداخلها ويتعاطى همومها ويرحل دون إرث ودون عنوان.