ـ صدمتنا الكبيرة في الحكم الدولي فهد المرداسي وفاجعتنا المؤلمة لا تقتصر على معلومة وبيان وسلوك مرفوض شرعًا ونظامًا وقانونًا، إنما في فعل لا نعلم كيف "تجرأ" بالإقدام عليه؟!
ـ هذه الجرأة القبيحة بكل ما فيها من "ثقة" عالية جدًّا بالنفس، هي "مربط الفرس وبيت القصيد" التي أدهشتنا وفرضت علينا كمجتمع منزعج جدًّا وإعلام مصدوم، التوقف طويلًا حول هذه الثقة "العمياء"، مصدرها وأسبابها، وسؤال لا يفارقنا وهو: ما الذي جعل المرداسي يحمل قلبًا "حديديًّا" دون أي "خوف" من مغامرة محفوفة بالمخاطر، "مضحيًا" بسمعته التحكيمية وبجريمة سوف تؤدي إلى حرمانه من شرف قيادة نهائي كأس الملك ومن شرف المشاركة كحكم سعودي في نهائيات كأس العالم.
ـ هذه الجرأة هي من استرعت انتباهي في المقام الأول؛ فلا يمكن منطقيًّا وبالعقل لحكم دولي موعود بمناسبات كبيرة وإنجازات مشرفة له في سيرته وتاريخه الرياضي التفريط في كل هذه المكتسبات بسهولة؛ من أجل الحصول على مبلغ كبير من المال؟
ـ إنها جريمة "غامضة" لا يصدقها العقل، ولا بد أن في الأمر "سرًّا" خفيًّا، وهذا السر يكمن في هذه "الجرأة" المحيطة بها وظرف "زمني" فيه من الدلالات على أننا أمام قضية، رغم الوضوح المتعلق بمعلومات وقرارات يصدرها اتحاد القدم بمباركة من رئيس هيئة الرياضة واللجنة الأولمبية، إلا أننا لا نستطيع "التخلص" من حقبة زمنية هي من كونت هذا الجو الفاسد، وهذا الجو هو من شكل بيئة لا "تخجل" من التعامل الصريح مع "الرشوة".
ـ جريمة غامضة تفاجأنا بِها وبمرتكبها الذي مهما بلغت "المغريات" المادية لن يصل به الحال لهذا المستوى من الفكر المادي، إلا إذا فقد "عقله" أو وصل به "الغرور" لمرحلة اللامبالة بالنتائج وعواقبها، دون إدراك منه أننا في عصر مختلف عصر الحزم ومحاربة الفساد، وقادته ظنونه أنه سيفلت من العقوبة تعاطفًا معه من منظور المشاركة "العالمية" التي لها قيمة معنوية كبيرة وسمعة ضخمة لبلده، ولم يدر أن رئيس هيئة الرياضة تركي آل الشيخ شخصية لن يعبأ بمثل هذه الجوانب وعيونه "مفتحة" ورجال دولة "شغالين" صح، ولديهم من العلم والمعرفة بـ"أدق" التفاصيل عنه كحكم وعن غيره من حكام سعوديين، وأن "الجرة إذا سلمت مرات لن تسلم كل مرة"، وخائن الأمانة لا بد له من نهاية، على أنني أتمنى ظهور المرداسي على الملأ ليعترف بالجريمة ومسبباتها ومن يقف خلف هذا التحول الخطير في حياته، وحلم تبخر بين يوم وليلة، فهناك الكثير ما زال غير مصدق بكل وقائع هذه الجريمة؛ لما تحتويه من الكثير من الغموض، وعلامات استفهام كبيرة تبحث عن إجابة.