ـ أكثر أسماء حبيبات عمر بن أبي ربيعة شُهرةً: "نُعْمْ" و"هند"، حظّ الأولى فَلَقَ الحَجَر، فكانت بطلة القصيدة الأروع، وباسمها عُنْوِنَتْ!.
ـ إلى يومنا هذا لم يَحْكِ الشعر العربي حكايةً، بتفاصيل روائية، وحوارات مسرح مشحونة، وتنقّلات سينمائية عالية الحرفية، كما هي الحال مع وفي قصيدة "نُعْم".
ـ أما "هند" فأنتجها الحب وخلّدها الكُرْه!.
ـ مات عمر بن أبي ربيعة وهو يظن أن أطيب ما في قصيدته قفلتها: "كلّما قلت متى ميعادنا... ضَحِكَتْ هنْدُ وقالت: بعد غد"!. كانت أيام الدولة الأموية الأولى، لم يتوقّع أحد أن "بعد غد" هذه ستكون للعباسيين!.
ـ ظلّت القصيدة تتمرجح بين أوتار وحناجر، إلى أنْ وجدت نفسها فجأة في بلاط هارون الرشيد. لم تكن ليلة من ليالي أُنْسِه!. وغنّت جارية: "ليت هندًا أنجزتنا ما تَعِدْ... وشَفَتْ أنفسنا مما تجد// واستبدّت مرّةً واحدةً... إنما العاجز من لا يستبدّ"!.
ـ أوقف هارون الرشيد الغناء، أعاد الشطر الأخير، كأنه يسمعه لأوّل مرّة، ويعيد كتابته لآخر مرّة: "إنّما العاجز من لا يستبدّ!". فَهِمَ كل من السّيّاف وقائد الشرطة أنها كلمة السِّر، وفاتحة الدم. تمّ التّحرّك!.
ـ برمشة عين أعطى هارون الرشيد الأمر بمواصلة الغناء، أكمل ليلته بسماع أغنيات عذبة أخرى!. في الخارج كانت المداهمات مرعبة!.
ـ عِلْيَة القوم سُحِبوا من لِحَاهُم، سُحِلوا من أرجُلِهِم. لم تبق عمامة على رأس بَرْمَكي، ثم لم يبق رأس بَرْمَكِي على رقبته!.
ـ فُتِحَتْ قبور، وفُتِح النّص على معنى آخر!. تذلّلات العاشق صارت غطرسة سياسيّة: "إنّما العاجز من لا يستبدّ"!.
ـ لا "نُعْمْ" ولا "هند" كانتا أثيرتين عند دنجوان عصره عمر بن أبي ربيعة!. وفي دقّات القلب ليس فيهما من تُقارَن بالثّريّا!. لو أُخرج من قبره اليوم وسُئل عن أكثر لياليه كدرًا، لقال: ليلة زفافها على سُهيل!. في تلك الليلة صبّ جام غضبه على علوم الفَلَك!. كيف و: "هي شاميّةٌ إذا ما استقلّتْ... وسُهَيلٌ إذا استقلّ يَماني"؟!.
ـ تغزّل عمر ابن أبي ربيعة بأكثر من أربعين امرأة، لكنه لم يحب سوى الثّريّا!. قيل له مرّةً: يا عمر.. ليست الثّريّا أكثرهن حَسَبًا ولا نَسَبًا ولا مالًا ولا جمالًا، فما بالك كلّما حسبناك نسيتها بامرأةٍ أخرى رَجَعْتَ فذكرتها؟!. رَدَّ ردًّا، ليس أكثر من اختصاره اختصار، ولا أكثر من إسهابه إسهاب: "أتاني هواها قبل أنْ أعرف الهوى... فصادَفَ قلبًا فارغًا فتَمَكَّنا"!.