|


أحمد الحامد
ما بين العقل والقلب
2018-05-05

لدي صديق عزيز، أصبحنا من دون قصد نتبادل الأدوار، أحيانًا أكون له الناصح الداعم المعنوي، المفكر الخبير، وأحيانًا أخرى يكون هو في مكاني كلما شعرت بوهن وإحباط، وهو رجل بذاكرة حديدية، يحفظ الكلمات والجمل؛ لأنه يذكرني بمقولاتي له عندما كنت أنصحه كلما أراد أن يعطيني باقة من معنويات، غير أننا أحيانًا نصاب معًا وفي وقت واحد بحالات من الضعف والإحباط، حينها نقيم حفلًا لجلد الذات، عادة ينتهي الحفل بالضحك والنسيان.



في هذه العلاقة أشاهد تناقضاتي، وتناقضاته، نحن نمثل واقعًا جزئيًّا من واقع عام، قوة الإنسان وعاطفته في مشاهد متباينة.. متناقضة، هذا الجسد الصغير الطموح الذي يطوف أنحاء العالم هو نفسه في لحظة ما عاجز عن السير خطوة واحدة، هو نفسه الذي يملأ المحيط صخبًا، هو نفسه الصامت العاجز عن قول كلمة، هذا الذي يحادث الناس ويشاغبهم.. هو نفسه الذي لا يريد أن يرى أحدًا، هذا الذي يعلن الحب ويسمع خفقات قلبه وهي تتضاعف.. هو نفسه الذي ينسى إن كان له قلب كان يدق يومًا.



كيف أكون وسطيًّا، كيف أكون عاقلاً، العاطفة القصوى مهلكة، والقسوة جفاف، أين أنت يا عقلي.. تعال واجلس على هذا الكرسي، أجب عن السؤال التالي.. لماذا لا تتوازن؟ لماذا لم تصل إلى صيغة تعاون جيدة مع القلب؟ مضى من العمر كثير.. لقد تورطت بسوء صحبتكم، وفرقة كلمتكم، هل تذكر كيف مضت الأمور بسلام وطمأنينة وهدوء في تلك المرات القليلة التي كنتما فيها على وفاق؟ عليك أن تذهب إليه، إما أن تتفقا أو أن يصمت أحدكما، ثم لا تحاول أن تُنظّر كثيرًا مرة أخرى، لا أريد أن أحرجك الآن وأذكرك بمواقف تافهة لم تحسن التصرف بها! 



ـ لست أنا الذي كان يفعل.. كان القلب.



ـ لا تلقِ بالتهم عليه.. اذهب إليه حالًا، لن أستقبلكما مرة أخرى إن لم تكونا على وفاق.



ـ إنه غير عاقل، يتصرف دون الرجوع إلي.



ـ وأين حكمتك؟



ـ أفقدها كثيرًا، إنه ساحرٌ ماهر.. ألا تنظر كيف قادنا إلى ما نحن فيه!



ـ وماذا أفعل بك إذن إذا لم تفعل شيئًا في الأوقات المهمة.



ـ لا تتنكر لي، فعلت لك بعض الأشياء الجيدة، أنا متعب مثلك أيضًا.



ـ اذهب ولا تبق معي الآن.. سأتصل بصديقي.