|


أحمد الحامد
معالم مستقبلك
2018-04-28

من تلتقي ومن تزور؟ الأشخاص مثل الكتب بعضهم ثراء وبعضهم فراغ، بعضهم تستمع إليهم وكأنك تستمع لكتاب مسموع، يشدك نحوه للاستماع والتفكير، اتفقت أو اختلفت معهم لا يهم، المهم أن يكون مفيدًا. 



بعض الأحاديث والأفكار تبقى في العقل يراجعها ويناقشها، بعضها لا تقبل به وقد تقبل بجزءٍ منه، ثم قد تتذكره لاحقًا وتقبل به كله، وقد لا تتفق مع بعضها دائمًا، شكلت الأوساط الثرية فكريًّا عقول الكثير نحو الأفضل، تجارب الحياة تعطى مثل "الكبسولات" أشبه بالرحيق والعصارات المعتقة، حتى المفردات اللفظية التي تكتسبها هي كلمات ترتب صياغة أفكارك وتفتح لك مجالاً أكبر للحديث والرؤية، الناس مثل الكتب المتنوعة في المجالات والتخصصات، صداقة من لا يعطي شيئًا مفيدًا مضيعة للوقت والمال، أليس الوقت من "مال" إذن أنت تضيع حتى أموالك على لا شيء، وصداقة من هم ذو عقول والالتقاء بهم كدفع ثمن كتاب أو شراء تذكرة سينمائية لمشاهدة فيلم ممتع ومحفز لا تمل من التوقف عند حوارات ممثليه، وكل الإسقاطات العميقة أثناء مشاهدته، بعض "الشِلَلْ" تغيب عنها لسنوات، وإذا ما عدت إليها تجدها كما هي، ساذجة محبطة، وقد يعاتبونك على طول غيابك وتخجل أن ترد عليهم بأنك لا تهتم لسماع أسعار كيلو الطماطم، أو أين أجد أفضل مكان لشراء الدجاج، غير أن زيارتهم واجبة خصوصًا إذا ما كانوا من أهلك وجماعتك.



يدفع بعضهم المال لشراء تذكرة سفر لحضور محاضرة ليستمع لما هو مفيد، لما هو محفز للأفضل، بعض الكلمات لها تأثير عميق في نفس الإنسان، وتحفزه على التفكير والانتباه.



هل تعرف الأشخاص الذين لا تتذكرهم وتنساهم إذا ما لم تشاهدهم أمامك دائمًا، هؤلاء هم الكتب غير المؤثرة، صفحات فارغة، ولم تشكل عنهم رأيًا جيدًا، على اليوتيوب هناك ما هو مفيد جدًّا للاستماع إليه، عن التاريخ والأدب والتراث والموسيقى والاجتماع وكل أشكال الفن والعلوم، الكثير ممن تحدثوا عن تجارب الحياة وقدموا لنا فوائد عميقة، بعض الأشخاص الذين تود معرفتهم وصداقتهم يعيشون الآن بين يديك وفي جهاز هاتفك، اختيار المحيط هو اختيار معالم مستقبلك، ومستقبلك لا يرتبط بك وحدك، هناك من يعيش معك ويتأثر بما أنت عليه وما تعتقده، خصوصًا في محيطك الصغير، نجاحك في أسلوب حياتك هو تمهيد جيد لمستقبل من يرتبطون بك، الذين تعتبر أنت نقطة انطلاقة لهم في هذه الحياة، الذين أسسوا لبيئة فكرية سليمة للحياة استطاعوا أن يعيشوا بأسلوب مريح وأراحوا أيضًا من استفاد من وجودهم.