ـ بدايةً، أطلب منكم ومن الرائع “راضي النماصي” معذرةً وسماحًا، فأنا مثلما يقول عن نفسه: “لا أعلم ما الذي يحدث حينما أودّ الحديث عن كتابٍ أُبجّله”؟!.
ـ مثلما يفعل النّحل تمامًا فَعَلَ. طارَ ودارَ، فوق جبالٍ وعلى تلالٍ وفي أَوْدِيَة، لم يهُلك زرعًا، تنزّه، وبالرحيق اكتفى، حوّله فيما بعد إلى عسلٍ، في خليّة سُمِّيت أوراقًا، ولمّا صار لها غلافٌ صارت كتابًا، عنونه بـ: “داخل المكتبة.. خارج العالَم: نصوص عالميّة حول القراءة”، ووقّع: “اختيار وترجمة: راضي النماصي”!.
ـ كتاب صغير، متَّقِد كقلب عاشقٍ، خاطف مثل قُبْلَةٍ، ونَفّاح!. بُورِكَ لمن انتقى فارتقى!.
ـ في كل مُتَرجمٍ يكمن لِصّ!. المُترجِم الطَّيِّب لِصّ طَيِّب!. والطَّيِب لا يكون طيِّبًا ما لم يكن فَطِنًا!. وكل فَطِن قَنَّاص!. وفي الوفرة لا يُمْدَح القَنَّاص بكثرة الصّيد لكن بانتقاء المَصِيد!. هنا تكسب كلمة “اختيار” التي وقّع بها النماصي عمله أهمّيتها: روعةَ ورِفْعَة الشَّمِيم!. قَنَصَ تِسْعَة!.
ـ عَمُرَتْ مائدة الكتاب بأطايب، مجموعة مقالات مُنتقاة بعناية ودراية فائقتين، والدعوة عامّة، يمكن لمن يريد الحضور، وسيجد أنّه مُقَدَّرًا، فقد أُخِذَ في الحُسبان!. على صِغَر المائدة يُمكن لأي يدٍ أنْ تمتدّ وأنْ تحصل على طعامٍ، قد لا يكون مُشْبِعًا، لكنه مُشْبَعٌ!.
ـ يمكن لغير القارئ فيما لو تجرّأَ قليلًا أنْ يأتي، فهو أحد المدعوّين وربما أهمهم!، ولسوف يخرج وهو يحب القراءة!، وربما كان هذا أهم وأجمل وأنبل أهداف الكتاب الذي لعلّه جاء صغيرًا لهذا الغَرَض!.
ـ لن يأخذ من وقتك الكثير، ولا يتقدّم إليك بأُبّهةٍ تصنع الجفاء، ولا بهيبةٍ تمنع المُرَاوَدَة!. ويمكنه فعلًا لَفْتَ انتباهك لأكثر من كيفيّة طيّبة تقرأ بها الكُتُب!.
ـ أمّا القارئ، فسيلقى في الكتاب الصغير هذا، مُتَّكَأً يسند إليه ظَهرَه وطُهرَه!. أردتُ أنْ أكتب: “القارئ الجديد خاصةً”، ثمّ تراجعتُ، فكل قارئٍ هو بالضرورة جديد!. وهذا ما يفوح وما يبوح به الكتاب عبر أصواته المتعدّدة!.
ـ قارئ الشعر تحديدًا، سيروق له هذا الكتاب، بنمنماته، وبالخطْف الرّشيق، وقد يتحسّر قليلًا لعدم معرفته التحدث والقراءة بالبولنديّة، حيث: “أغلب القصائد العظيمة في هذا القرن كُتِبَتْ بالبولنديّة”!. منكَ لله يا “جوزيف برودسكي” على هذه المعلومة!.
ـ ملاحظة فيما يخص تصميم الغلاف: من ناحية، نجح الفنان محمد النبهان، في تصميم وإخراج مُعبِّر، لكنه من ناحية أخرى: إقصائي بدرجةٍ ما، وواقع تحت تأثير دعاية سابقة، غير مُنصفة!. فما دام كل من عمل على هذا الكتاب سعوديًّا، الاختيارات والترجمة، والتقديم، ودار النشر والتوزيع، والتصميم والإخراج، فقد كان من الأولى أن تكون صورة الغلاف لقارئ بزيّ سعودي أيضًا، رغم احترامي ومحبتي وتقديري لكل الأحبة العرب!.
ـ بعد أيام، في “بلكونة الجمعة” بإذن الله، سنشرب قهوةً من صنع راضي النماصي، لكن ولأنّ “بلكونة الجمعة” كما تعرفون عبارة عن مقتطفات من كتاب، فلا بد من الإشارة، إلى أن الزميلة “أمل ناضرين” الناشطة الثقافية الأمينة في “تويتر”، سبقتني إلى ما لا أدري هل هو كثير ممّا، أم كل ما يمكنني قطفه!. في كلِّ قارئٍ لِصّ أيضًا!.