|


فهد عافت
كريستيانو رونالدو.. والهدف الإرهابي!
2018-04-08

أدري وتحزنني الدِّرَاية أنّ طريقة التفضيل الفنّي تحوّلتْ.. صار لها تاريخ طويل من التشويه! لِبَسَتْ رداء التشجيع الكُرَوي المتعصِّب.. وهو رداء مُمَزَّق قُدَّ من قُبُلٍ! لا يُمكن لإبرة عدْلٍ ترقيعه!.



ـ ولغياب لغة نقدية حصيفة ومُحصَّنَة، ولفقر في المنطق وفي التأمّلات الفلسفيّة، صار التعبير عن المحبة والإعجاب وكأنه مُلْزَم بشتيمة الآخَر ليكتمل، أو حتى ليُفضفض بما يُريح صاحبه!.



ـ المسألة قديمة جذورها ضاربة في أرض الأدب العربي. كم من قصيدة حب نَسِيَ شاعرها حبيبته ولم يتذكّر غير العُذّال!. حَظِيَتْ المحبوبة بمطلعٍ وأبيات معدودة ثم مُدَّتْ السُّفْرَة للنَّيْل من الحُسَّاد والظروف!. في أحيان كثيرة لم يسلم حتى أبَوَيْ المحبوبة من الأذى!.



ـ غير أنّ الأدب العربي والشعبي كجزء منه يظل قادرًا على حماية نفسه بدفاعٍ  جيّد، وبأدلّة حَسَنَة.. فَبَيْنَ طَيّاته نماذج قصائد وحكايات وآراء نقديّة، تمنح الآخَر حقّه بما في ذلك عدوّ الحرب!. لكن ولأسباب كثيرة كلها ذات مصالح محدودة ومؤقّتة، لا يتم تدريس مثل هذه النماذج ولا التحدث عنها بالضوء الساطع نفسه، ولا تُعْرَض جنبًا إلى جنبٍ بمساواة!.



ـ المنافسات الرياضيّة ضخّمتْ الصورة بتشويهات مريعة. الكاريكاتير صار الصورة الرسمية لجوازات السفر ذوقًا ونقدًا!. وكأنك لا تقدر على الكشف عن سحر محمد عبده أو طلال مداح دون إساءةٍ لأحدهما! وكذلك الحال بالنسبة للسدحان والقصبي! وقِسْ على هذا القياس المنحرف سَلَفًا!. ثم جاءتْ برامج المسابقات الغنائية والشعرية لتجلس على التَّلَّة المخروبة؛ فأدْخَلَتْ الحميّة الوطنية والفزعة القبليّة عناصر تفضيلٍ وبَوْصَلة ذَوْق!.



ـ هذه بداية فكر متطرِّف ومعنى بداية فكر متطرِّف: بداية عمل إرهابي ما!. عاجلًا أمْ آجِلًا: كل طريقةٍ "خاصَّةٍ" في التفكير تقود إلى طريقةٍ "عامّةٍ" في التّدبير!.



ـ الحَصَاة الصغيرة التي تُرمى في البحر الصافي الهادئ، تصنع دوائر.. تختفي هذه الدوائر المُسَلِّيَة سريعًا، دون إحداث ضرر، لكنها علميًّا اختفت عن أعيننا فقط، وظلّتْ تُحدث تأثيرها الخافت البسيط بعيدًا عن أنظارنا، وهي حين تصير الطريقة الوحيدة للتفاهم مع البحر فسوف ترمينا فيه، أو تدفعه ليتقدّم نحونا بفيضان!.



ـ الطريف العجيب أنني بدأت الكتابة وفي نيّتي أن يكون الموضوع عن كريستيانو رونالدو بعد هدفه الأسطوري في اليوفي قبل أيام! لا تسألوني كيف سارت الأمور على هذا النحو: دوائر الحصاة الصغيرة اتسعت فأغرقت الموضوع الأصلي!.