|


فهد عافت
الأفكار والكلمات
2018-03-31

ـ كلما كتبت عن القراءة، داعيًا لها، محبِّبًا فيها، انتابني قلق من ردّ فعل معاكس، مُخيف، وغير منتَظَر.. لكنه قد يحضر، ذلك أن كثرة الدعوة إلى أمر ما، قد تثير الريبة فيه!، وقد تُسهم في هجرانه!.



ـ يحدث ذلك حتمًا عندما يكون الأسلوب ضعيفًا، وهي مسألة لا أضمن نجاتي منها، ثمّ إنه يحدث عند التكرار، وهي مسألة لا أضمن نجاتكم منها!.



ـ حتى الأسلوب الجيّد لا يكفي لمنع التكرار من صَبّ التّململ والسّقم!، ثمّ إنه فيما لو كان الأسلوب جيّدًا حقًّا، فاتن الصياغة، مُتماسِكًا، وقوّي التدابير، حججه مقنعة، لما احتاج صاحبه للتكرار!، ولا حتى لمقالة طويلة!.



ـ لكنني أتماسك، وأتمسّك بأعذاري الصغيرة، وبعضها واهن لكنه يفي بغرض!. أكثر أعذاري وَهَنًا، هو أنني لم أطبع كتابًا حتى الآن!، وبالتالي فإنّ دعوتي لكم يا أحبة إلى قراءة الكتب، بريئة على الأقل من تهمة التسويق لكتاب يخصني وموقّع باِسمي!.



ـ وبما أنني تحدثت أكثر من مرّة مُقَلِّلًا من شأن القراءة من الصحف، محذِّرًا من خطر الأدب الصحفي، النقد الأدبي عبر الصحافة تحديدًا، والذي منه هذه الزاوية طبعًا، فإنني قد أكون بريئًا "حقًّا"، من الطمع بفائدة شخصية ضيّقة محددة وخاصة!. لكن "حقًّا" هنا تعني نسبيًّا، ونسبيًّا هنا وهناك تعني أنه ليس "حقًّا" تمامًا!.



ـ كتبتُ مرّةً: حبائل الشيطان كثيرة، وحِيَله لا تنتهي، كيف أوْقَعَ ياغو الشك في قلب عُطَيل؟: بكثرة تكراره لضرورة عدم الشك في زوجته!. فهل يكون تكرار الدعوة إلى القراءة جزءًا من شيطنة؟!، كل ما أتمناه ألا يُنظر إلى الأمر من هذه الزاوية، لكن وبما أنها زاوية، فإن إمكانية النظر منها متاحة، وليس في مقدور أحد ردّها!.



ـ قد يقول قائل: لو كانت القراءة جميلة وممتعة ومفيدة وضروريّة إلى هذا الحد، لما لزم الأمر أكثر من دعوة واحدة بسيطة لها، إشارة تكفي، تلويحة تكفي!. صحيح.. لكن من أين لي بكتابة خارقة تقول كل ما أود قوله، وتنثر مباهج القلب دفعة واحدة؟!.



ـ وها أنا أجد حبل نجاة آخر، يمتد من محبرة رديارد كيبلنغ: "الكلمات التي تصف الأفكار تتغيّر على الدوام، بينما الأفكار ذاتها لا تتغيّر، أو تتجدد بالوتيرة نفسها"!.