ـ ولمّا تيقّنت من رؤية المشهد على حقيقته، أحببت أنّ أردّ الجميل للقراءة، أنْ أقول لها كلمة شكر، وأنْ تكون كلمة الشكر هذه طويلة وممتدّة ولائقة!. تقريبًا لا أكتب عن الكتابة إلا لكونها ظِلًّا، وإنني على هذا الاعتبار أمنحها تقديرًا، وبعض اعتذار، فقد أسأت فهمها طويلًا أيضًا!.
ـ ثمّ إنني وجدت قُرّاءً، الأصح: فوجئت بهم!. يقرؤون ويتفاعلون، لا يهم العدد، فلم أعد صحفيًّا، أنا هنا كاتب في صحيفة، والفرق شاسع، يعرفه من تنقّل بين العملين وأنهكه المسير!.
ـ يلزم الصحفي النجاح، ويكفي الكاتب أن يكون جيدًا!، أن يحاول ذلك قدر استطاعته، وأنْ ينسحب فيما لو أحسّ بغير ذلك، وأنْ يتوقّف فيما لو لم يجد ما يكتبه!.
ـ الصحفي لا يمكنه الانسحاب أو التوقّف، طبيعة عمله تتطلّب أن يجد موضوعًا، وحين لا يجد عليه أن يختلقه!، العمل الصحفي مهنة شريفة، غير أنّ فيها ما يجعل مثل هذا الأمر ليس قطعيًّا تمامًا!.
ـ ثمّ إنه شيء جميل ومبهج، أن تجد لك شكلًا وطقسًا، وما حدث هو أنني وبعد فترة بسيطة، تنبّهت إلى أنه ليس هناك كاتب "يومي" يكتب عن القراءة!، قلتُ في نفسي: فرصتك يا ولد ها قد لقيت دربك دون أنْ تدري ودون أنْ تكون متأكدًا منه!
ـ هناك من يكتب في السياسة، ومن يكتب في الرياضة ومن يكتب كتابات اجتماعية ساخرة أو جادة، أسماء كبيرة ولامعة وذات أثر، وأنت ماذا لديك؟!، لديّ ثلاثة أشياء: أحب القراءة والشعر والأغاني والأفلام المصريّة وسأكتب عنها، وكلّها يمكن تناولها عن طريق الكتابة عن القراءة، وبين حين وحين يستجد أمر "فندردش" فيه!. أمر طيّب أن يكون لك وجه ووجهة!.
ـ وأعترف: كل مساء، ينتابني قلق، وتراودني فكرة أن أتوقّف وفي ساعة المشي أُحدِّث نفسي بصوت مسموع: غدًا ربما لا أجد ما أقوله، فإن بقي الأمر كذلك إلى ما بعد صلاة المغرب، سأتصل بالجريدة، معتذرًا وأتوقف!.
ـ غير أنّ الذي يحدث وأتمنى أن يظل يحدث، هو أنني ما زلت أجد كل صباحٍ شيئًا أريد قوله، ويمكنني قوله والحمد لله، شاكرًا لكل من ساندني بكلمة طيبة أو بتنبيه كريم، معتذرًا لمن يريدون غير ذلك، مُطَمْئنًا لهم: سيأتي هذا اليوم حتمًا!.