قبل نحو شهرين، وفي اللقاء الشهير والمواجهة الأولى الإعلامية لرئيس هيئة الرياضة تركي آل الشيخ، في برنامج كورة، سألت رئيس الهيئة عن كمية الدعم الهائل لكرة القدم، سواء لاتحاد اللعبة أو للأندية خلال ثلاثة أشهر، وعن ميزانية هيئة الرياضة عمومًا، وما نسبة استحواذ كرة القدم على ميزانية الهيئة.
لم يمنحني رئيس الهيئة وقتها الإجابة الشافية والكافية، وتحدث عن محادثات مع وزير المالية الذي يريد تخفيض ميزانية الهيئة بنحو 20٪.
بالأمس فقط وفي مواجهة “الرياضية” لرئيس الهيئة، وحين سأله الزميل بتال القوس عن وجود خطة مالية لديه، اعترف معالي تركي آل الشيخ بأنه يواجه مشكلة في العمل المؤسساتي والحوكمة، مشيرًا إلى أن هذا الملف لدى نائبه عبد العزيز بن تركي ومستشاره قصي الفواز.
هذه الإجابة هي ما كنت أرمي إليها بسؤالي قبل شهرين؛ فهذا الدعم الهائل والصرف المباشر لا بد أن يستند على عمل مؤسسي واضح وميزانيات محددة، لا أن يتم الصرف كما كان عليه، وهو ما وعد به تركي آل الشيخ حين قال إن الصنبور الذي يدعم الأندية سيتوقف تمامًا العام المقبل، وستعتمد الأندية على مداخيلها فقط، مع مراقبة مالية من قبل هيئة الرياضة، وفي المقابل لا بد أن يستعجل معالي تركي آل الشيخ في تنظيم العمل المؤسسي والحوكمة في أسرع وقت، ويغلق هذا الملف لأن بالتأكيد صنبور الحكومة سيتوقف عن دعمه هو أيضًا إن لم يستند العمل على هذا التنظيم المالي والخطة الواضحة للصرف.
فالدعم الكبير الذي وجده رئيس الهيئة في عامه الأول والصرف المالي الكبير على الجهاز الذي يقوده من قبل الدولة، لن يجده العام المقبل ما لم يبدأ بتنظيم العمل المالي والمؤسسي لهيئته.
سبق وأكدت على ذلك في مقالين سابقين أيضًا، حين تحدثت عن الدبلوماسية الرياضية، وما تقوم به هيئة الرياضة حاليًا من حراك أعاد الرياضة السعودية للواجهة قاريًّا وعالميًّا، ولكنني حذرت من أن كل هذه الجهود والحراك الرياضي إنما يقوم به هذا الرجل بجهد شخصي لا عملًا مؤسسيًّا، وطالبت بضرورة أن يؤسس لهذا العمل حتى يستمر بعد رحيله ولا نفقده كما فقدنا حظوتنا رياضيًّا منذ رحيل فيصل بن فهد.
لن أثني على ما تحدث به آل الشيخ في حواره المثير لصحيفة الشباب العربي؛ فأفعال الرجل تتحدث عنه، وليس بحاجة إلى إشادتي، ولكن ما أسعدني حقيقة معرفة الرجل لأخطائه وسعيه لمعالجتها، وهو أمر يصعب على من يسير مثله بين كلمات الثناء والتطبيل في كل فعل يقوم به.
صحيح أن إيجابيات الرجل تطغى على سلبياته بشكل يبصره الأعمى، ولكن هذا لا يمنع من انتقاده وتذكيره بأخطائه، ولن تمنعنا الإشادة الدائمة بأفعاله أن نتوقف يومًا بعد رحلة طويلة من الثناء لنقول له أخطأت هنا ولا بد من التصحيح.
لذلك، ولنكن مخلصين لرياضة وطننا وداعمين لهذا الرجل؛ فسنظل نذكرك بأخطائك يا تركي حتى تصححها. وسنبدأ بأكبرها كما ترى ملف العمل المؤسسي والحوكمة، ولنرى ماذا ستفعل تجاهه؛ فمن حقنا كما اعترفت بأخطائك التي قد لا يراها بعضهم أن تطلعنا على حلولها؛ فكما ننتقدك حين تخطئ لا بد أن نشيد بك حال النجاح.