|


فهد عافت
خلطبيطة!
2018-03-06

الصيّاد الجيّد لا يضع في سنّارته طُعْمًا أغلى ثمنًا من السمكة التي يطمع بنقلها من البحر إلى السوق. الصيّاد الفنّان يفعل ذلك دون تردّد!. المسألة لا تتعلّق بالمهارة ولا بحُسْن أحدهما ضبط الحسابات أكثر من الآخر لكنها تتعلّق بالهدف وبالشغف!.



ـ المشكلة أنّ الركون لمثل هذا المشهد واتخاذ حُكْم بِنَاءً عليه كثيرًا ما يصيب أهل الإبداع الحقيقي والمواهب الأصيلة بالحمّى والغضب!. ذلك لأنه غالبًا ما يُمَكِّن الأثرياء من اتخاذ شكل الفنّانين أكثر منهم!.



ـ غضب الاختناق هذا "الاختناق من كثرة الزيف ومن قدرته على تصدّر المشهد" يتحوّل سريعًا ولأسباب كثيرة مُقنِعة، إلى ظُلْم!. ولا أعتى ولا أعمى من ظُلْمٍ أتَتْ به أسباب مُقْنِعَة!.



ـ يصبح اتّهام كل الأثرياء وأصحاب المسمّيات الرفيعة والأوضاع المرموقة بضحالة الموهبة بافتقارهم إلى المعاناة، أمرًا جائزًا وسهلًا وعلى كل لسان!. ويتم التشكيك في أن نتاجهم ليس نتاجهم سرقوه أو دفعوا ثمنًا لأصحابه الحقيقيين واشتروه منهم، بحثًا عن مزيد من التّوسّع الجغرافي في الوجاهة!.



ـ المصيبة أنّ هذا يحدث فعلًا! تصير أسباب الظلم ليست مُقنِعة فقط لكن لها أيضًا نماذج وأمثلة صريحة!. الأمر الذي يتورّط فيه ومعه ومن خلاله كلّ موهوب حقيقي ليس له ذنب غير ثرائه المادي أو انتمائه لطبقة اجتماعية ذات شأن!.



ـ بادئ الأمر يحاول أصحاب هذه المواهب الحقيقية من الأثرياء كشف الحقيقة وتبرئة أنفسهم من الّلبْس والتُّهَم! لكن ولأن لهم بالفعل مكانةً خاصةً ووضعًا استثنائيًّا فإنهم لا يقدرون على رفع أصواتهم بما لا تسمح به طبيعتهم الاجتماعية يكتفون بالتلميح!. ثم ولكسب مزيد من المؤازرة والتعاطف يرتكبون خطأً يتوهمون أنه خطأ طيّب ويأملون منه مساعدتهم!.



ـ يميلون إلى ويكيلون المدح على مواهب عاديّة فقط لأن أصحاب هذه المواهب من المُعدَمين أو الفقراء أو حتى الوسط!. وسريعًا ما يصبح هؤلاء أصدقاءً لهم وضمن "الشِّلَّة"! مما يُسهم في تأكيد الشكوك وتثبيت الاتهامات بدلًا من نفيها!. وممّا يزرع الحذر والتّوجّس في نفوس المبدعين الحقيقيين تجاههم فيفضّلون تجنّبهم!.



ـ يستفيد من كل هذا أرباع وأنصاف المواهب وقد يستفيد منه من هو بلا موهبة أصلًا!. من يكسب من كعكة الشللية شيئًا كان بها ومن لا يكسب يصير مكتفيًا بفقره أو بقلّة حيلته للحصول على إطراءات زائفة وكأنّ الفقر يكفي بديلًا عن الموهبة!.

ـ وتُغلق الدائرة على مثل هذه النتائج المُخيِّبة للآمال وتضيع "الطّاسة" من جديد!.



ـ الموتى وحدهم يُنْصَفُون وبعد زمن طويل من موتهم أيضًا!.