|


فهد عافت
خدعهم البريق.. خطفَتْهُم الزّركشة!
2018-03-03

ـ أفضل ما يمكن حدوثه للممثِّل فيما يبدو هو ألا يجد نفسه!.



ـ كثير من الفنّانين، في الشعر والرسم والموسيقى، وجدوا أنفسهم مُبكِّرًا، وكان ذلك أمرًا سيّئًا بالنسبة لهم!. خاصةً أولئك الذين وجدوا أنفسهم مبكِّرًا جدًّا!. في أغلب الأحوال لم يجدوا هذه الأنفس، فقط توهّموا أنهم وجدوها!، قادهم لمثل هذا التوهّم الغرور أو الكسل!. خدعهم البريق.. خطفتهم الزركشة!. قطفوا الفاكهة قبل موسم القطف!.



ـ قلّة قليلة نَجَت بفضل الموهبة الخارقة، التي منحها الله لهم، لا بمحض الصدفة، إذْ ليس للصُّدْفَة في هذا الأمر حيلة ولا وسيلة!. بقيّة أهل الفن نجحوا لأنّهم أمعنوا البحث والتقصّي، نَهَشَتْهم الشكوك، وليس للفن أطيب من الشّكوك ما لم تصحب معها التّردّد!.



ـ بالنسبة لفنّ التمثيل، يبدو الأمر أكثر وضوحًا: تقريبًا، كل من وَجَد نفسه أضاعها!. كل من دخل في شخصيّة واحدة، وثَبُتَ عند رسمٍ محدّد، قصقص أجنحته، وبدَلَ أنْ يطير، تبخّر!.



ـ يونس شلبي مثال صارخ، في مدرسة المشاغبين أضحك طوب الأرض، أخذ الشخصية بحذافيرها في "العيال كبرت"، وأضحك طوب الأرض أيضًا، لكنها كانت المرّة الثانية والأخيرة!، ظنّ أنه وجد نفسه، فأضاعها!.



ـ في المقابِل، كان من حسن حظنا، وحظ أحمد زكي، أنه لم يجد نفسه أبدًا!، 



ـ بدأ في المسرح مُقلِّدًا، أضحك الناس وأثار إعجابهم لقدرته على تقليد أداء محمود المليجي خاصةً، لكنه لم يُحبس في الدور، ربما لأن النجاح لم يكن مدويًّا!، لعب بعدها أدوارًا عديدة، بانت الرّوعة، لكنها لم تُحشر في نموذج صارخ، لا في نموذج ولا في رغبة دفينة!، كانت رغبة تقليد الآخرين ساكنة فيه، ومن حسن الحظ أنه نسيها، ولم يلتفت إليها إلا في الوقت شبه الضائع من التجربة!.



ـ نجاح تشخيصه للرئيس جمال عبدالناصر أعاد إليه شغفه بالتقليد، قدّم السادات، الأداء رائع لكنه أقل فتنة، وفي اللحظات الأخيرة من حياته لبس ثوب عبدالحليم حافظ، مات قبل أن يُكمل أسوأ أفلامه!. 



ـ مع ملاحظة أن أحمد زكي بدأ نجوميته بلعب دور طه حسين في مسلسل الأيام، ساعدنا وساعده الحظ كثيرًا، فلا أحد يعرف طه حسين إلا شيخًا كبيرًا، ثم إن الأنظار وقتها ذهبت للمقارنة بين أحمد زكي ومحمود ياسين الذي لعب نفس الدور في فيلم سينمائي، الإعجاب وقتها كان في أن أحمد زكي تفوّق على محمود ياسين!.



ـ التفوّق الأخير لأحمد السّقّا على محمد رمضان، لم يكن بسبب الموهبة، لكن لأنّ محمد رمضان وجد نفسه، بينما لا تزال الشكوك تحوم في عقل ووجدان السّقّا!، نحن اليوم نعرف أو نكاد، ما الذي سيفعله محمد رمضان، بينما يمكن للسّقّا أنْ يُفاجئنا كل مرّة بفيلم جديد وشخصية مختلفة!.



ـ في أزمنة الضياع، يجد الناس أنفسهم بسرعة وسهولة!. من المغنّي إلى رجل الدين!. من الشعراء إلى لاعبي كرة القدم!. بين العثور والتعثّر لا تعود ثمّة فروقات تستحق الذِّكْر!.