الزمان يناير 2008م، المكان دبي، والمناسبة ماراثون دبي الدولي، كانت المرة الأولى التي تستعين فيها "هيئة الرياضة البريطانية" بفريق عمل خليجي لتنفيذ برنامج الكشف على المنشطات تحت إشرافها، كنت هناك ومعي ثلاثة رجال حملوا أمتعتهم من الرياض وجدة، بعد أن تعاهدوا على رسم صورة جميلة عن الشباب السعودي. في ذلك المحفل ما زلت أتذكر كيف كنا نتعاهد على الظهور بالمظهر المشرف، وكيف كنا فخورين بعد إتمام المهمة وتلقي الثناء من الخبراء الدوليين.
وبعد يوم شاق من العمل الميداني، توقفت للراحة والتقاط الأنفاس، كان الجو باردًا حين كنت واقفًا أرتشف "الكاباتشينو" وقد سرح تفكيري بعيدًا وأنا أشاهد آلاف البشر أمامي، سألني حينها "ريتشارد" ـ المسؤول البريطاني عن المهمة ـ فيم تفكر؟ أطلقت تنهيدتي وقلت: في أمرين، أولهما هو ذلك التحدي المتمثل في كيفية إثبات نجاح فريق العمل السعودي في إتمام هذه المهمة على أكمل وجه؛ لنفتح الطريق أمام بقية زملائنا ونحظى بالمزيد من الثقة أمام العالم.
أما ثانيهما، فهو أشبه بالحلم، أحلم يا "ريتشارد" بأن يأتي اليوم الذي تحتضن فيه بلادي حدثًا كهذا، صدقني يا ريتشارد أننا نستطيع لكن لا تسأني لماذا لم يتم ذلك، ولا متى سيتحقق؛ فأنا لا أود الإجابة الآن!
مرت عشر سنوات ليأتي شتاء 2018 وفي يناير تحديدًا، يرسل لي زميلي "جمال" صورته مع "ريتشارد" متبوعة بتحيات وأمنيات "ريتشارد" إلى صاحبه القديم "بدر"، تأملت الصورة وعادت بي الذاكرة لحديث مضى عليه عقد من الزمن، مضت السنون لتثبت قدرتنا على التحدي وفرض احترامنا وثقة الجهات الدولية بنا؛ فقد كانت الصورة تجمع "جمال" مع "ريتشارد" على هامش ماراثون دبي الدولي 2018، أرأيت يا ريتشارد؟ استطعنا نحن السعوديين إثبات قدرتنا على الثبات في تلك المهمة لعشرة أعوام، لقد اعتمدتم يا ريتشارد على رجال يفعلون أكثر مما يقولون.. إنهم السعوديون.
وفي ذات الشتاء تستيقظ حبيبتي "الرياض" يوم 24 فبراير، وقد اغتسلت بخيرات السماء، يا له من يوم جميل، وكأن المطر جاء ليحتفل معنا بانطلاق "ماراثون الرياض الدولي".
ليتك هنا يا "ريتشارد"، كنت سأجلس معك مجددًا، والفخر يغمرني، كنت سأصطحبك لمشاهدة آلاف المشاركين، كنت سألتقط أنا وأنت صورة تذكارية مع السعودي السبعيني الذي أكمل السباق، ليتك كنت هنا يا ريتشارد لأريك ماذا صنعت الرياض، وكيف أصبحت!!
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..