|


أحمد الفهيد
.. عن الأطفال والاعتزال والنظر إلى المرآة
2018-02-20

لن أكتب شيئًا، أقصد لن أبدأ تأليف رأيي الخاص، فقد وجدت بين الكلمات «كلمات لاعبين ومدربين» ما يليق بأن يكون هو الكتابة، وما يجدر بأن يصبح هو واجب القراءة، ووجبتها اللذيذة.



إنها خلاصة التجربة، والدواء الذي أنتجه الألم، والقرار الذي ولد بين احتمالين، والضوء الذي سال من قلب الليل حتى صار نهارًا يدبُّ في قلب الحياة.



 



“١”


جيجي بوفون “حارس مرمى يوفنتوس”، يسأله المذيع: متى تعتزل، ألست كبيرًا بما يكفي لترحل وتغلق الباب وراءك؟!.. فتأتي الإجابة، وكأنها تصدٍّ بارع، لتسديدة مباغتة: “الأمر إن اعتمد على اللاعب فلن يتوقف عن اللعب، وقد يفوته الوقت الذي يجب أن يدرك فيه أن عليه الابتعاد، لدي ثقة كبيرة في إدارة نادي يوفنتوس، والمدربين، إما أن يقولوا “جيجيوني، لقد وصلنا للنهاية”، أو أن يقنعونني بالاستمرار، وشخص مثلي لا يفقد الحماس أبدًا”.


 



“٢”


خوان ماتا “لاعب مانشستر يونايتد”، غاضب لأن كرة القدم بدأت تفقد معناها الدقيق، وشغفها الأصلي، يزعجه الأطفال الذين تركوا الملعب من أجل اللاعب، تركوا الاستمتاع باللحظة نفسها من أجل تصويرها: “أتفاجأ  من الأطفال حين يسألونني عن أحذيتي، ولمَ لا أصبغ شعري؟!.. أتساءل: لماذا لا تسألونني عن كيفية تمرير الكرة، وطريقة التحكم بها، أو وضعية جسدي عندما أسددها؟!.. سابقًا، كان الأولاد يريدون لعب الكرة، لكن اليوم يريدون الأحذية والقمصان!.. كرة القدم تفقد جوهرها، يتكلم الناس عن الاحتفالات بدلاً من الأهداف”!


 



“٣”


المدرب جوزيه مورينهو، لا يزعجه جمهور الأطفال، وإنما يزعجه اللاعبون أنفسهم: “سابقًا كان اللاعب يحاول بكل ما أوتي من موهبة، أن يصبح غنيًّا قبل أن يخلع قميصه للأبد، ويضع حذاءه داخل خزانة مهترئة في قبو منزله، الآن اللاعب الشاب يصبح غنيًّا جدًّا قبل أن يبدأ رحلته مع كرة القدم.. هذا الجيل من اللاعبين، يهتم بأشياء أخرى لا قيمة لها، يتأخرون عن النزول إلى الملعب، والحكم ينتظرهم؛ لأنهم كانوا مشغولين بالنظر إلى أجسادهم، وقصات رؤوسهم في المرآة”!


 



“٤”


بقي الكثير من الكلمات التي تغسل الصدأ عن أقفال العقل، وتسمح لبابه أن يفتح من دون صرير، لكنني سأتوقف عند هاتين العبارتين الناضجتين: الأولى لبيل شانكلي: “أن تكون الأول، فهذا يعني أن تكون الأول، وأن تكون الثاني فهذا يعني أنك لا شيء”، والثانية لفينس لومباردي: “الذين يريدون الفوز، يجب أن يربوا اللاعبين على أنه لا يمكنهم الانتصار إذا كانوا مستعدين لقبول الهزيمة”.