|


أحمد الحامد
والنسيان بالنسيان
2018-02-10

النسيان جزء من تفاصيل حياة الإنسان، وبقدر ما هو رحمة، إلا أنه آفة أشياء كثيرة منها العلم، وكما قيل: “آفة العلم النسيان”.



وكلمة النسيان يتم تداولها واستخدامها في الحق والباطل معًا، في المدرسة تعود المعلم الذي يوبخ طالبًا مهملاً في كتابة واجباته المدرسية متعذرًا بالنسيان.



المعلم: نسيت أن تأكل وتشرب؟



الطالب: لا. 



المعلم: نسيت أن تلعب؟ 



الطالب: لا. 



المعلم: لماذا نسيت إذن أن تكتب الواجب.. اذهب وقف عند السبورة وارفع إحدى يديك وإحدى رجليك.



وكلمة النسيان لدى الشعراء نشيطة جدًّا، وتجدها حاضرة في الكثير من أصناف قصائدهم.. رائعة محمد عبده: 



 



 نسيتيني مثل ما تنسى الأمطار الصحاري 


تركتيني دمعة شوق في عز الظهاري.


 



ورائعة ميادة في نعمة النسيان:


يلي مكتوب لي أحبك بعد عمري كمان 


وأنت مكتوب لك يا بختك نعمة النسيان.


والنسيان أيضًا أضر بالرجل المتزوج الذي ينسى تاريخ زواجه ولا يحضر وردة أو هدية لزوجته، التي لا تنسى طبعًا، ويصبح أمامها رجلاً غير مهتم، رغم تعبه وركضه ومحبته لها طوال العام.. لكنه نسيّ فأصبح زوجًا فاشلاً!



والنسيان أيضًا كلمة تم ظلمها كثيرًا، خصوصًا في المواعيد، عندما يكذب أحدهم متجاهلاً موعدًا ما متعذرًا بالنسيان.. جلّ من لا ينسى يا أخي!



ولأن النسيان حقيقة.. يكون أحيانًا مكلفًا كثيرًا، خصوصًا عند الفوضويين، وأحيانًا نعمة للذين تجاوزوا ظروفهم الصعبة ولم يجعلوا من ذكريات الظروف عقدةً ماثلة أمامهم، ولا يستطيعون تجاوزها.



أكثر الذين لا يتأثرون بآفة النسيان هم الذين يدينون للآخرين بالمال، وصاحب حاجة عند مقتدر، ومن عزت عليه نفسه وكبر عليها أن تظلم، تقول أحلام مستغانمي: “قلبي ليس مسمارًا على جدار تعلق فوقه لافتات الحب.. وتنتزعها حين يحلو لك! يا صديقي الذاكرة بالذاكرة.. والنسيان بالنسيان والبادي أظلم”.