|


فهد عافت
السعوديّة والإمارات
2018-02-06

 



في أكثر من كَرْب ومِحنة وأزمة وضِيق، بانت "الوحدة العربيّة"، آخِذةً شكل مساندة دولة أو أكثر لدولة عربية متضرّرة، والوقوف إلى جانبها في أزمتها، غير أنه لم يسبق لمثل هذه "الوِحْدَة" في زمن "الرخاء" والبناء، أنْ اتخذت شكلًا حاسمًا، نابض العطاء، بكامل تدفّقاته، مثلما هي الحال اليوم بين السعوديّة والإمارات!.



ـ لا أتحدث عمّن يُسيئهم هذا، يَصْفِقون وجههم في الجِدار، وهم يفعلون ذلك صباح مساء، وحين يُعلنون أنّه ما مِنْ أذَىً كبير من وراء صفق الوجه في الجدار، يكونون محقّين بعض الشيء؛ لأنهم نسوا نزع الأقنعة عن وجوههم، والقناع يحمي بعض الشيء!.. على الأقل إلى أن يَسْمَل أو يهترئ فيتقطّع!.



ـ أتحدث عن استغرابات طيّبة النوايا، عن عدم القدرة على الإحاطة بمعطيات وقوانين النور المنبثق من هذه الوِحْدَة الرائعة بين السعودية والإمارات، عن المحبين لها، والآملين منها، والداعين إليها، لكنهم لا يمتلكون أدوات لاستيعاب وفهم أمرها، وهم بسبب من غياب هذه القدرة على الإحاطة، يكونون مطمعًا، لكل جهة تُناصِب هذه الوِحدة العداء، وتعمل بما أوتِيَتْ من خبث على زعزعة الإيمان بها!. ونعم، يمكن لهذه النفوس الحاقدة، الاستفادة، ولو من عدد قليل من هؤلاء الناس الطيبين، واستغلال براءتهم؛ لذلك أتحدث!.



ـ يمكن لي، أو أظن أنه يمكن لي، إيجاد تفسير لبعض ما يُثار من استغراب، يصل أحيانًا إلى عدم تصديق ما هو واقع فعلًا. أولًا: لأنّ ما هو "واقع" إنما هو في حقيقته "صاعد"!، ممّا يُمكِن معه إحداث لَبس في فهم مَسار هذه الحركة العظيمة!. ثانيًا: لأنّ ما هو ماثِلٌ للعَيَان، ليس له ما هو "مُعَيَّنٌ للمِثَال" في التاريخ العربي الحديث!.



ـ كل وِحْدَة عربيّة سابقة، كانت إمّا واجِهة أو مُواجهة أو وجاهة، لكنها أبدًا لم تكن "اتجاه"!. لذلك فإنه ما مِنْ وِحدْة عربية سابقة في العصر الحديث إلا وكانت ظرْفِيّة ومؤقّتة!. تقريبًا، للمرّة الأولى، نحن أمام، وفي، وِحْدَة "اتّجاه"!، هذا أمر يصعب استيعاب مفرداته في جغرافيا عربية لا يمتلك تاريخها كلمات مفتاحيّة له، ولا أمثلة محجوزة مسبقًا للتأكيد على إمكانيّة حضوره!.



ـ وبالذات، حين نتحدّث عن قوى سياسيّة شابّة، متدفّقة الطموح، في أعلى حالاتها فتوّةً وحيويّةً ونشاطًا، فإنه لا يمكن لذاكرة الشارع العربي استحضار مشهد واحد من التاريخ العربي السياسي الحديث "وربما، ولا القديم"، يصلُح مرجعيّةً، فكرية أو وجدانيّة، لهذا الصبح الجديد، المتدفّق بكامل رحابته، في الوحدة السعودية الإماراتية!.



ـ ذلك أن كل قوّة عربية سياسية شابّة، قبل التقاء المحمّدين: محمد بن سلمان، ومحمد بن زايد، إنّما دَخَلَت وبسبب من كونها شابّة، في صراعات ومنازعات وتحدّيات، مَنَعَتْ أفكارها التنموية من النمو!. معظم إنْ لم يكن كل وفاق عربي سابق إنما تَمّ، هذا إنْ تَمّ!، بين قيادات كبيرة في السِّن، شبعتْ أو أُنهكت، فتآزرت!.



ـ وجود رجلين في عزّ الشباب، ولديهما طموحات عظيمة في صناعة غد أفضل بمعنى الكلمة، وتوافقهما، والإيمان بفعالية الوِحدة، وبضرورة أنْ تكون اتجاهًا، أمر جديد، لم يسبق له الحدوث بهذا الصدق، وبهذه القدرة على قراءة التاريخ والحاضر والمستقبل، مثلما هو الأمر مع، وبين ولي العهد السعودي وولي عهد أبوظبي.



ـ بناءً على ما سبق، تكون كل نقطة يظنها العدوّ فُرصةً تسمح له بالتشكيك والزعزعة، إنما هي في حقيقتها شمس نهارٍ شارقة، بما يطيب للسعوديين والإماراتيين والعرب والدنيا بإذن الله، وبما يكسف ويكشف تهافت قناعات وأقنعة السوء!.