|


أحمد الحامد
عنزة الوادي والتيس الغريب
2018-02-03

وصلني عبر الواتساب فيديو مع مقدمة مكتوبة، هذا نصها: “أزمة طاحنة في هولندا بسبب ندرة المجرمين، وتهديد العاملين في السجون بخسارة وظائفهم”. انتهى الخبر، وهو محاولة تصويرية لبلد من خيال، ولشعب لا يخطئ.



لا شك أن مرسل الخبر البعيد جدًّا عن أساسيات الصياغة الصحفية، إنسان بسيط لكنه مضر جدًّا ويعمل ضد نفسه وضد الآخرين بدراية منه، أو من دون دراية، هذه الأخبار المجتزأة، هي كاذبة في صورتها العامة، ومرسلوها وناشروها يحاولون أن يصوروا أن كل ما لدى البلدان البعيدة جميل ومنظم ومسالم وعبقري، وكل ما لدينا سيئ ومتخلف، لا أعلم إن كان هناك غير الجهل من يقف خلف هذه الأخبار والمعلومات.



في بلاد هولندا يباع الحشيش في المقاهي، وأجساد النساء تباع في المحلات، وتنافس البارات أعداد المدارس، هذه نظرة من زاوية أخرى، لكنني لا أحكم على هولندا بهذه الصورة؛ فهي بلاد لها ما لها وعليها ما عليها، كما أنها وصلت إلى ما وصلت إليه عبر تراكم من العمل والتجارب والفشل والنجاح.



طالما كان المحبطون أول الموانع لكل من أراد البناء، المحبطون الذين امتهنوا استصغار الموهوبين في وطنهم وأغمضوا أعينهم عن جمال أرضهم وقيمة تراثهم وقوة وإمكانات بلادهم، هؤلاء الذين يضربون دائمًا الأمثلة عن نجاح الأمم الأخرى، هم أنفسهم لا يحترمون أصغر قوانين المرور في بلدهم، ومثل هؤلاء أجزم بأنه ليس لديهم أي إنجازات على صعيدهم الشخصي تستحق الاحترام، هؤلاء اللطامون البكاؤون يسرقون معنويات وطموح الشباب وينشرون رائحة الإحباط الفاسدة، يبدو أن للفساد مسميات أخرى غير سرقات المال.