بدافع الشغف الإعلامي، حرصت خلال وجودي في أمريكا على حضور فيلم "The Post"، الذي دشن مطلع يناير الجاري من بطولة توم هانكس وماري ستريب، الذي يروي قصة صحيفة الواشنطن بوست التي كانت ستريب قد ورثتها عن زوجها، وهي التي لا تتمتع بخبرة إعلامية واسعة، ولكن تربطها علاقات جيدة مع رجالات الحكومة الأمريكية آنذاك وهانكس، كان رئيس التحرير الذي يخسر السباق دومًا مع نيويورك تايمز، وحدث أن توفرت له معلومات سرية عن حرب فيتنام؛ فقرر النشر رغم ما تعرضت له التايمز من إيقاف لنفس السبب، وهو الأول من نوعه، الغريب أن مالكة الشركة اتخذت قرارًا شجاعًا يقضي بالسماح بالنشر، بل أصرت عليه رغم معرفتها بانعكاسات ذلك السلبية المحتملة على الصحيفة، بل حتى على شخصها، وفي النهاية نشر الموضوع الذي أحدث زلزالاً سياسيًّا، ولكنه أعاد للواشنطن بوست كثيرًا من بريقها وعلى خطاها سارت العديد من الصحف.
هكذا هي الصحافة، منافسات وتحديات وقرارات تاريخية، فإما الصمود والمواصلة والإبداع، أو الترجل مثلما حدث للعديد من الصحف حتى الرياضية منها، التي أغلقت أبوابها دون رجعة، في وقت ظلت فيه الغراء "الرياضية" واقفة على أقدامها بشموخ عبر سنوات تجاوزت الثلاثين، وهاهي تحت قيادة الأستاذ بتال القوس ونائبه الأستاذ صالح الخليف وباقي أسرة التحرير، تشهد نقلة نوعية في مسيرتها، حيث طلت علينا بداية الأسبوع بحلتها البهية وثوبها الجديد ومحتواها القيم، بما يؤكد أنها صحيفة تحمل رسالة سامية لا تحيد عنها تحت أي ظرف كان.
في الواقع أنني تحدثت غير مرة عن الخطر الذي بات يداهم الصحف الورقية، ليس في محيطنا فحسب، بل على مستوى العالم، فصحف عالمية عملاقة تهاوت وأخرى توارت، ومنها من تحول إلكترونيًّا، بينما اختار رئيس تحرير "الرياضية" كما جاء في مقاله الذي نشر في أول عدد بعد التحديث، التحدي على الجانبين الورقي والإلكتروني، وهي بلا شك مهمة صعبة تتطلب جهدًا مضاعفًا، ولاسيما أن المجتمع كله تحول إلى وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني، وفي هذا الصدد تقول هيئة الاتصالات إن عدد مشتركي خدمات الاتصالات المتنقلة بلغ 44 مليونًا، ولكن أنصف فأقول إن ما شاهدته من تحديث وتطوير يجعلني أقول دون تردد إنني أثق في قيادات الصحيفة، وأجزم بأنهم سيكسبون التحدي وسيحلقون بالوردية في سماء الإبداع ورقيًّا وإلكترونيًّا؛ فكل التوفيق أتمناه لأسرتي أسرة "الرياضية".