|


فهد عافت
مباراة بين دماغ ومحبرة!
2018-01-09

 

 

الفرق بين الكتابة العلميّة والكتابة الأدبيّة، أنّ الأولى تكون لتوثيق التجربة، بينما تكون الثانيّة لتوسيعها!.

 

ـ يكتب الكاتب، وفي نِيّته طرح فكرة مكتملة في ذهنه، وهو حتى حين ينوي طرح شكوكه حولها، تكون شكوكه مكتملة، أو قريبة من الحَدّ!.

 

ـ لكنه وفي جميع الحالات، يُفاجأ بالكلمات!، تلك التي يتعثّر بها وتلك التي تساعده على الاسترسال!.

 

ـ فللجملة فكرتها أيضًا، وقناعاتها وشكوكها أيضًا.. أيضًا!، والكتابة الأدبية في نهاية المطاف، خلاصة لفيض المماحكات بين دماغ ومحبرة!.

 

ـ حين ينتصر ما في دماغ الكاتب على ما في قلب محبرته، يكون كاتبًا أدبيًّا ثقيل الظل، وحتى الكاتب السّيّئ أفضل من ثقيل الظِّل!.

 

ـ لكن حين تنتهي مباراة الدماغ والمحبرة بالتعادل يكون كاتبًا جيّدًا!، ولأن التعادل في مثل هذه المباريات لا يمكنه أنْ يكون قطعيًّا، وأنّ كل ما هنالك هو "شبه تعادل"، فإنّ هذا "الشِّبْه" هو ما يصنع فوارق التفضيلات، هذا أحسن من هذا، وهذا فارق عن الجميع!.

 

ـ أما حين تنتصر أفكار الكلمات على كلمات الأفكار، المحبرة على الدماغ، في هذه الحالة فقط ينتقل المرء من رتبة كاتب إلى رتبة شاعِر!.

 

ـ لكن، وفي كل الحالات، من هو صاحب المكتوب أصلًا؟، هل هو الكاتب أم القارئ؟!، جوابي: كلاهما، مع أسبقية للكاتب ومع أفضليّة للقارئ!.

 

ـ الكلمات للكاتب، وهو لها، أثناء الكتابة، أثناءها فحَسْبْ. ما إنْ ينتهي منها وتنتهي منه، لا يعود لأحدهما قدرة مباشِرَة على الآخَر!.

 

ـ ولعلّه من حسن الحظ أن كليهما لا يعترف بالنتيجة، ممّا يجعلهما يعيدان المباراة!، لكن ومع "النشر" لا يمكن لمباراة أن تُعاد، فيدخلان مباراة جديدة!. لعل هذا أحد أهم أسباب استمرار الكتّاب في الكتابة!.

 

ـ والكتابة للقارئ، كل كلمة يقرأها أحدنا، يبني فوقها أو تحتها كلمة أخرى، لا نقدر أصلًا على غير ذلك، فما دام لكل كلمة معنى، فإن ما اعتقدنا أنه معناها، هو في حقيقته كلمة أخرى، كلمة من عندنا زاوجناها بالكلمة التي قرأناها للتو!، وبالتالي فإننا نكتب أثناء القراءة، بل ونفعل ذلك أكثر وبكثير مما نظن!.

 

ـ أفضليّة القارئ، تكمن في أنه يمكن أن يتأثَّر وأنْ يؤثِّر في النص المكتوب، مع كل قراءة جديدة له، بينما لا يسع الكاتب إلا كتابة نَص آخَر فيما لو أحسّ بذلك وأراده!.