|


-
حذاء حسنين!
-
2018-01-07

 

 

 

 

تابع العالم العربي من شرقه إلى غربه خلال الأسبوع الماضي، أخبار بطولة كأس الخليج لكرة القدم، ولم يكن الاهتمام بسبب براعة اللاعبين أو إثارة المباريات، بقدر متابعة الجدل الدائر والحرب الكلامية بين إعلام الدول المقاطعة والإعلام الموجّه من قطر، وعلى الرغم من أن الأمر لا يهم المتابع المغربي أو التونسي، إلا أن الشرر الذي يتطاير من أجهزة التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي يكفي للفت أنظار العرب والعجم معًا.

 

الحرب الإعلامية دارت رحاها في الكويت وخارجها، وكشفت بلا مبالغة ضعف الآلة القطرية المستأجرة، وكانت مناسبة لتعرية سياسة الدوحة واستغلالها المناسبات الرياضية لترويج عبثها، فضلاً عن تحييد "القوة الناعمة" التي تراهن عليها قطر في بث رسائلها المبطنة؛ تمهيدًا لإثارة الفوضى عبر الدول العربية.

 

كثير من العرب الذين اتخذوا موقف الحياد، تابعوا كشف الحقائق خلال بطولة الخليج، قبل أن يتعاطفوا مع الموقف الخليجي الداعي للوقوف أمام العبث الذي تمارسه قطر في المنطقة، وهذا عائد إلى الخطاب الموضوعي الذي وجهته وسائل الإعلام الخليجية بالدليل والبرهان للباحثين عن الحقيقة في البلدان العربية، وفي المقابل هناك من المحايدين من تعاطف مع مضمون القنوات القطرية، ليس إعجابًا بما تبثه، ولكن هربًا من رداءة قنوات ووسائل إعلام كانت تدافع عن مواقف بلدانها بسطحية وعدم احترام للمتلقي!.

 

قديمًا قال الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إيّاك ومصاحبة الأحمق، فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك"، وحديثًا قال رئيس هيئة الرياضة غفر الله له: "بعض الناس ودّك ما يدافع عنك"، أيضًا جاء في الأثر التحذير من دفاع "الأخرق" عن القضية العادلة؛ لأن الهذيان يقود إلى تلطيخ سمعة القضية وينال من شرفها.

 

بعض الإعلاميين الذين يدافعون عن عدالة المطالب الخليجية، يتعاملون مع الطرف الآخر على طريقة "اللي يحب النبي يضرب"، دون مراعاة أنهم يدافعون عن بلد ساهم عبر التاريخ في إثراء الثقافة الإنسانية خلقًا وعلمًا، ولا يرضى أهله بأن يتولى الدفاع عن قضاياه من لا يراعي الالتزام بهذه الثقافة، خاصة أن الإعلام السعودي يمتلك من المتحدثين اللبقين ما يمكن أن يحقق الهدف من الرسالة، ويعكس أخلاق وفروسية أبناء بلاده.

 

هؤلاء الذين يسيئون إلى مجتمعنا، هم أقرب إلى تجربة "حسنين" الذي وصل إلى الحج لأداء الفريضة، قبل أن يتقرب إلى الله أثناء رمي الجمرات بضرب "إبليس" بالحذاء، وتوجيه الشتائم والعبارات النابية لهذا الشيطان، دون مراعاة لقدسية المكان ومشاعر الحجاج المحيطين به؛ ما جعل أكثرهم يؤجل رمي جمراته لإسكات هذا البذيء أولاً.. انشغل حسنين وأشغل الناس معه، وخرج إبليس من الحج بأقل الخسائر!.