قبل ثمانية أشهر إلا قليلاً "221 يومًا"، وضعت على طاولة رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم السؤال التالي: «أين ذهبت 87 مليون ريال الُمعلنة على لسانكم كديون ورثتموها من الإدارة السابقة، لسوء واضح في تدبير الأمور ولوجود مخالفات؟ وكيف طُمست هكذا ببساطة؟!».
لم يجب الرئيس ولا أحد من إدارته حينها على السؤال "ربما لم يقرؤوه"؛ ولهذا عدت بعد شهر ووضعت السؤال نفسه على الطاولة نفسها، وزدت عليه بأن كتبت: «السؤال سهل جدًا فلماذا إجابته صعبة؟!».
ونبهت آنذاك إلى أنني ـ و«ربما» آخرون معي ـ لن نتوقف عن طرح هذا السؤال حتى نحصل على إجابته، لن نكف عن تفتيش الملفات حتى نجد الورقة الممنوعة من النشر..!.
ولذلك ها أنا أعود ومعي سؤالي القديم، ومعي أيضًا بهجة وطن كامل بالحرب التي أعلنها الملك، وولي عهده، على الفساد والفاسدين، لتطهير البلاد من رجس كل ذي جشِعٍ ذَمِيم.. وهي الحرب ذاتها التي تولى رئيس هيئة الرياضة شنها على العابثين بمال الدولة وسمعتها رياضيًّا، هاويًا بسيفه على رقاب القضايا المختبئة في تفاصيل القصص القديمة وأبطالها، رقبة تلو أخرى.
ولمن لا يتذكرون ما حدث، أو من لا يعلمون عنه شيئًا، سأعيد عليهم سرد الحكاية باختصار شديد:
كان رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، قد أعلن في حوار تلفزيوني مباشر: «إن اتحاد اللعبة محاصر بديون ورثها من الإدارة السابقة لسوء واضح في تدبير الأمور، ولوجود مخالفات»، وقدَّر هذه الديون «عدًَّا» في الحوار نفسه بأنها 194 مليون ريال، مستحقة الدفع الآن، ووصمها بأنها ديون قصيرة الأجل.
بعد أشهر من هذا التصريح المُتشكِك في نزاهة المجلس السابق، اجتمع القوم «آل المجلس القديم، وآل المجلس الجديد» 3 ساعات في «المنامة»، ووقعوا إقرارًا يقوم مقام «إبراء الذمة» ينص على أن الديون «13 مليونًا فقط، وليست 194 كما أُعلن».
وبخصم قيمة الشرط الجزائي «91 مليون ريال»، الذي دفعته وزارة المالية للمدرب الهولندي فرانك ريكارد، والملايين الثلاثة المستحقة لوكيل أعمال مدرب المنتخب السعودي لوبيز كارو، والتي لم تدرج في المركز المالي، فإن هناك 87 مليون ريال طُمست في هذا الاجتماع، ثم صمت الكل، وقيل لهذه الحادثة: «تبخري وكأنكِ لم تكوني يومًا».. وقيل لنا: «كونوا صُمًّا بُكْمًا عُمْيًا، وكأنكم لا تعقلون»!.
وكمن يثق بمجيء النهار في أعقاب الليل، كتبت: «لا تتوقعوا أن نسمع منكم كلامًا مغلفًا باتهامات الانتهاكات، والتلاعب، وهدر المال العام ثم نسكت؛ لأنكم قررتم السكوت! أما وقد تكلمتم من دون أن يرغمكم أحد على الكلام، فإنه صار واجبًا عليكم أن نحصل منكم على إجابة واضحة، تبرأ بها ذمتكم وذمة من قبلكم»!.
فإما أن الرئيس الجديد قال كلامًا «غير صحيح، وقيّد أيدي الذين سبقوه بسلسلة من الاتهامات الباطلة»، وعليه أن يفك الأغلال، ويشرح، ويعتذر لهم ولنا.. وإما أن هناك إساءة استخدام للمال العام، وهدر غير مسؤول، برعاية «الرئيس القديم»، وعليه أن يوضح، ويعتذر، ويعيد الأشياء إلى خزائنها!.
السؤال سهل، سهل جدًّا.. فلماذا لم يجب عليه أحد حتى الآن؟!