كان عرسًا رائعًا ومشعًّا. ربما حقّ لمن شاهدوه عبر التلفزيون، تسجيل ملاحظات وانتقادات، غير أنني ومن قلب العرس البهيج أكتب: لم يسبق لي أن شاهدت تجمّعًا بهذه الروعة، وبهذه الروح الطيبة والكريمة والسمحة، حيث الابتسامة الصادقة، ومصافحات الود الساخنة، ترسم الخريطة!.
ـ لم يكن حفلًا، ولا مهرجانًا، كان أكبر!. تخطّى حدود الانضباط المطلق، بروح فنيّة عالية ووثّابة. تخطّى هذه الحدود، بتجاوزها نحو ما هو أطيب وأعذب، ولم يقصر عنها ولم يَحِدْ!.
ـ لذلك أسميته عُرْسًا، ونعم كان له ما للعرس من تجاوزات بسيطة، بل محبّبة، أذكر منها أنني عندما تركت مقعدي المخصص لي تنظيميًّا، وذهبت للسلام على معالي الأستاذ تركي آل الشيخ، الذي أكرمني بكلمات مشجّعة وبمصافحة حميميّة خاصة، عدت إلى مقعدي فلقيت ضيفًا كريمًا قد جلس مكاني، خرجت من الصف؛ فإذا برجاءالله السلمي في وجهي مبتسمًا، قلت: أرجوك.. نحن أهل الدار والأهم ضيوفنا، وفي أقل من عشر ثوانٍ، تدبّر الأستاذ رجاء الله السلمي الأمر بجسارة وأدب: فجأة لقينا صفًّا كاملًا جديدًا، أُعِدّ بسرعة، وبأناقة، فجلسنا!.
ـ وكم كانت كلمة معالي الأستاذ تركي آل الشيخ مبهجة، مثل حضوره الرائع وتعامله الكريم مع الجميع، وكم كانت كلمته مؤثّرة، حين تحدّث عن العراق وضرورة دعمها، ومبادرة السعودية الجسورة في ذلك.
كان على يميني الشاعر العراقي الجميل كريم العراقي، التفتُّ إليه فإذا به يمسح دموعه ويهز رأسه امتنانًا، شاركته الدمع!، قلت له ولأخي علي العلياني الذي كان يجلس على يساري: نحن العرب.. هذه هي السعودية!.
ـ كان عُرسًا، وكل شيء في العرس يأتمر بإمرة الفرح، وتظل ارتباكات العرس أكرم من كل تنظيم شديد الرسميّة، لو لم أشعر به كذلك لما نهضت من مكاني للتصوير والسلام على الأحبة، ولبقيت في وقار رسمي لا أطيقه: "الحزن دايم مرتّب والفرح فوضوي"!.
ـ وفي اليوم التالي: صدّت قوّاتنا المسلّحة الباسلة صواريخ معادية في سماء الرياض، سُمِع الدّويّ، وكأنه استمرار لأعراس الرياض!.
ـ لو كنّا ندري لفتحنا سماء المسرح، وأطلنا السهر، وواصلناه، وجعلنا من هذا المشهد، مشهد اليقظة والنضال، أحد برامج العرس البهيج!