|


فهد عافت
فيروز والزّكام والرجل الذي طار!
2017-12-06

 

 

 

الأبُ إذْ تُصيبه "الزّكمة"، يريد علاجًا آخر غير الذي يخصّه، يريد علاجًا يَقي أطفاله العَدوى إذْ يحتضنهم ويقبّلهم.

 

ـ سماع فيروز، صباحًاً أو في أي وقت، مع فنجان قهوة تركية، أو أي قهوة، مع صحبة كتاب شعر أو أي كتاب، ليس تُهمةً، ومسألة التندّر والسخرية من ذلك، ليس دليل ثقافة ولا وعي ولا حتّى حريّة، استعراض العضلات الخائب هذا لا أشتريه بهلَلَة.

 

ـ في الكتابة، في الفن، في العمل الإبداعي، يمكنني القول آسفًا، أنّ النيّة الطّيّبة، والهدف النبيل، والمقاصِد الخَيِّرة، لا تكفي، وأنّه لا بدّ من موهبة، وفي غيابها، فإنّ كل ما سبق ذكره من الفضائل، لا يمكنه غسل تفاهة صغيرة، تتكشف بسرعة وبسهولة، للمتلقّي المبدع، فتُضاعِف من قرفه واشمئزازه.

 

ـ "ذَهَبَ" وحدها تكفي لألف قصّة، "جَاءَ" تكفي لعشرة آلاف قصّة. الكتابة الإبداعية ليست في: ما هو الموضوع؟!، لكن في كيفيّة تناوله. ليست في: ما الذي جرى؟!، لأنّ القلم يجري أيضًا، والكلمات تتلاحق، والأمر متعلّق بكيفيّة جَريَان الكلمات على السطر، أكثر بكثير ممّا هو متعلّق بأيّ جَرْي أو إجراء آخَر.

 

ـ المواضيع من حيث هي أحداث، في العمل الإبداعي، تشبه "يا ليل.. يا عين" في الأغنية، تكاد تكون حقًّا مَشاعًا للجميع، والأمر كلّه في اللحن والصوت والأداء.

 

ـ تذكرت، انتظروا قليلًا، سأبحث لكم عن قصة قصيرة جدّاً، قيلت كُنَكْتَة، في رواية "أنا عشقت" لمحمد المنسي قنديل، أين.. أين هي، سأطرحها نموذجًا، حسنًا.. ها.. ها هي:

 

"دخل رجل صغير جدًّا إلى مكتب مدير السيرك، قال له إنه يبحث عن عمل، قال له المدير: ماذا تجيد؟، قال الرجل الصغير: أجيد تقليد أصوات الطيور، قال المدير: لا يوجد عندي مكان لهذا العمل، قال الرجل الصغير: أنا آسف حقًّا.. صووو.. صووو.. وخرج طائرًا من النافذة"!.

 

ـ العِلْم نَفّاع، والأدب مَتّاع، وبالرغم من ذلك، فإنّ قارئ التاريخ البشري، لن يجد مكانًا يتّسع لا لصفّ الكتب فحسب، بل حتى لحفظ المسودّات فقط، التي تتحدّث عن بشاعة إهانة وقتل وسجن وتهجير العلماء والأدباء والفنانين عبر الزمن. يبدو أنّ الناس عمومًا، ينتفعون ويتقدّمون، ويستمتعون ويَرتَقون، رغمًا عنهم.