تناولت في المقال السابق بعض مفاهيم وأساليب "صنّاع الوهم".. وكان علي أن أستمر في نفس النطاق من خلال مقالي لهذا اليوم وذلك لأن ما يخلفه صناع الوهم في مجتمعنا الرياضي هو أشبه بالجريمة التي تحققت بالفعل تجاه كل أولئك "الواهمين" والذين هم أحد "ضحايا المؤامرة".. أولئك المساكين الذين أحبوا فرقهم بكل حواسهم ومشاعرهم.. حتى أصبحت عقول بعضهم على استعداد "تلقائي" لقبول أي فرضية مهما كانت صعوبة تحقيقها أو حتى زيفها.
ضحايا الوهم فئة ستعجز معها أن تطرح الحقيقة.. وأصبح من الصعوبة بمكان أن تقنعهم الأرقام فهم لا يعترفون بها أساساً..
ضحايا الوهم مجموعة "بائسة" ستكتشف يوماً ما أنها ظلت لسنوات تجري خلف قضايا وأسماء وهمية لم تكن سبباً في خسارتهم لمباراة أو بطولة ما.. وحينها يكون الوقت قد مضى.. وابتعد القطار بالآخرين إلى منصات التتويج ومرافئ القناعة.. فيما ظل ذلك المتلبس بالوهم واقفاً في مكانه يردد ما سمعه وليس ما اقتنع به.
ضحايا الوهم فئة تمت صناعتها بعناية حتى أصبحت وسيلة جاهزة للانفلات والهجوم في أي لحظة وباتت قنبلة موقوتة.. يحركها الباحثون عن لي ذراع الواقع.. والقفز على الأنظمة.. وتسيير الأحداث وفقاً لرغباتهم.
أما المؤسف أكثر.. فهو أن صناع الوهم لم يكتفوا بغسل عقول ضحاياهم وتوجيههم وفقاً لرغباتهم.. بل امتدت رقعة الإساءة لتصل إلى التأثير السلبي على الوسط الرياضي بشكل عام.. كيف لا وقد اتسع نطاق المتأثرين سلباً من نتائج صناعة الوهم ليشمل سلسة طويلة من الخسائر ومنها حرمان الرياضة من مبادرات رجال الأعمال أو رعاية القطاع الأهلي.. أو الشراكات الاستراتيجية مع منظمات الأعمال الرياضية الدولية.. وتمتد تلك السلسلة لتشمل خسارة الرياضة لمجموعة أشخاص أكفاء ابتعدوا أو لم يتقدموا للعمل في المجال الرياضي أساساً.. كيف لهم ذلك وهم يرون أشكال وألوان الإساءات هنا وهناك.. لا تحترم إنسانية الشخص.. ولا الأعراف.. ولا المنطق ولا غيرها.
والسبب ببساطة شديدة أنها تحولت بفعل "صناع الوهم وضحاياهم" إلى بيئة طاردة.. فالصورة الذهنية العامة عن الوسط الرياضي باتت غير مشجعة لعشاق التميز والباحثين عن النجاح.
كيف سيبذل المبادرون جهودهم.. وكيف سيضيع المتميزون فكرهم.. وكيف سيهدر الجادون وقتهم.. وكيف سيخسر المستثمرون أموالهم.. في بيئة لا تكفل لهم أبسط حقوقهم وهو "الاحترام"؟
اصنعوا للوسط الرياضي قيمته.. واجعلوه وسطاً جاذباً وبيئة صحية للعمل والمبادرات.. ولن يتحقق ذلك طالما وجد صناع الوهم مكاناً لهم بين جنبات مجتمعنا الرياضي السعودي.
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة .. ويحتضنكم وطن.