No Author
عبده عطيف - يا متمرد
2016-04-04
قال تعالى في مطلع سورة المائدة (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) الآية، وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: "أَعْطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه".
هذا هو شرع الله، وهذا من عدله الذي وضعه للتعامل بين البشرية، ولكن من المؤسف ما نراه ونسمعه من ظلم وقلب للأمور، فأصبح صاحب الحق متمرداً والمظلوم متهماً.
سبحان الله .. ما لكم كيف تحكمون؟ أين المخافة من الله عز وجل وأكل حقوق الآخرين وتأخيرها بدون وجه حق؟ وهل غلبت علينا العاطفة على الحق والعدل فأصبحنا نطارد صاحب الحق بالتهم والتخاذل وهو يعاني في مطاردة حقه؟ أفلا تعقلون؟
قرأت بيان نادي الاتحاد الأخير وقضية التمرد الكبير، وتذكرت حينها تلك الأوراق التي تحتاج إلى ختم من قبل الجهة المسؤولة ولكنها تكتب في الأسفل عبارة "دون أدنى مسؤولية علينا".
وبالعودة للبيان اختلط الحابل بالنابل ولم أعد أستطع التفريق بين الضحية والجاني، ولم أميز بين المخطئ وصاحب الحق فأصبحت المسألة معقدة عاطفياً، ولكن بالعدل والعقل هي جدا بسيطة وواضحة.
عاطفياً سأتفق مع البيان وتوجهه وأتحدث بعبارات التعزيز وأردد "هذا الكلام هذا الشغل السنع اجلدوهم أوقفوهم" وغيرها من الكلمات الرنانة.
ومن هنا تنطلق الاتهامات للاعبين ووصفهم بالتمرد والتواطؤ وأن فعلهم سبب الكوارث والخسائر.
أما لغة الحق والمنطق فهي معاكسة جدا، فاللاعب يلعب ويعسكر ويسافر وحقوقه ورواتبه مؤجلة ومتأخرة لأكثر من نصف سنة، لا يعلم لها وقتاً ولا يعرف إليها سبيلاً.
وكأنهم يقولون له: "تلعب ببلاش ولا تفاهمنا معك".
لست مع تبرير فعل اللاعبين الخاطئ أو محامياً للدفاع عن تصرفهم غير المقبول، ولكن بودّي أن أسأل: ما الطريقة التي يحصل بها اللاعبون على حقوقهم بعد أن استنفدوا جميع الطرق السلمية والدبلوماسية مع النادي؟
بالله عليكم أصدقوني القول والإجابة .. من المتمرد إدارة النادي أم اللاعبون؟
من المتمرد هل من رفض إعطاء الناس حقوقهم المتأخرة أم من غاب ورفض المعسكر بسبب حقوقه المتأخرة؟
من المتمرد من ماطل أم من صبر؟
ولو أجبرنا وذهبنا إلى الأحكام التي وضعناها نحن بني آدم كما هي في الفيفا وعرضنا عليهم القضية بتفاصيلها صدقوني وأقولها بالفم المليان سيكون ردهم وجوابهم "اذهب أيها اللاعب فأنت حر وعلى النادي دفع جميع حقوقك المتأخرة والقادمة غير العقوبات التي ستفرض على النادي والاتحاد السعودي الذي سمح بهذه المهزلة والمسرحية".
تخيل أنك صابر على مديرك لمدة سبعة أشهر بدون راتب ثم يستقبلك بخطاب خصم يقول لك فيه أنت متسيب وغير منضبط .. بالله عليك ما هي ردة فعلك؟
سيقول لي البعض: "اللاعبون يأخذون أكثر مما يستحقون". الرد ببساطة: "من أجبرك على التوقيع بذلك؟". وما أن تم التوقيع فعليك الالتزام والوفاء بالعقد، ودون تحيز لأي طرف، هناك حقوق وواجبات لكل طرف، وبينهما أدبيات في الرياضة .. فلا تطلب واجبات لم تستوف حقوقها وإن طلبتها ونفذها الطرف الآخر فهي من الأدبيات التي لا تعني تنازله الدائم عن حقوقه.