|


No Author
لقطة فيز/ ياضيّة .. وهدف عالمي
2016-10-18
سعود الصاعدي

في جلسة عابرة مع شبان رياضيين دار حديثنا حول هدف فهد المولد الذي منحه لقب فهد باستن. الهدف كان في مرمى الإمارات، في المباراة الأخيرة لمنتخبنا الوطني ضمن تصفيات آسيا لكأس العالم، وكان من ضمن ما شاركت به حول الهدف؛ أن فهد المولد فيما يبدو من لقطات شتى شاهدتها له كان يعدّ نفسه لمثل هذه اللحظة الفيزيائية المكتملة، إذ كانت الفرص الضائعة التي لم يحالفه فيها الحظ، فيما سبق من مباريات، حين طاشت في اتجاهات مختلفة، أشبه بالخلايا في سياق نظرية دارون، حيث تتابعت في سلسلة من التطوّر حتى وصلت إلى صيغتها المكتملة في لحظة الالتقاء بين الكرة والقدم، لا الكرة والشباك، لأن هذه الأخيرة باتت محسومة بمجرد أن وقعت الكرة على المكان المناسب في الوقت المناسب والقرار المناسب، وعندي أن الهدف تم تسجيله في هذه اللحظة المكتملة فيزيائياً من جميع الجهات، التقاء الجهتين في نقطة واحدة مع قرار التنفيذ، فلو اختلّ شرط من هذه الثلاثية بقدر جزء من الثانية لاتجهت الكرة إلى المدرج الشمالي أو الجنوبي. هذا التحليل لا يقلل من جهد اللاعب ولا موهبته؛ فالحالة هذه فيزيائية محضة تحدث مع أي لاعب مهاري أو غير مهاري، بما فيهم ميسي أو كريستيانو رونالدو، والمحسوب هنا لفهد باستن في هذا السياق، تجريبه المتكرر الشجاع لمثل هذه اللعبة إلى لحظة تسجيل هدفه ذائع الصيت الذي يبدو أنه سيكون الأجمل في تاريخ فهد المولد والأعمق دلالة في تفسير كرة القدم وتأويلها بطريقة علمية فيزيائية، كما هو واضح من هذه المحاولة الفيزياضية إن صح هذا المصطلح المنحوت. وما يضيف إلى قيمة الهدف فنيّاً قيمته السياقية إذ هو بحسب تصنيف المباراة من ضمن الأهداف العالمية كونه في سياق عالمي غير محلي ولا إقليمي ولا حتى قاري، فالمباراة، إذا ما تلقيانها بوصفها نصاً متحركاً من نصوص كرة القدم، تنتمي إلى السياق العالمي، فهي إذن نصٌّ عالمي ضمن مجموعة النصوص الآسيوية التي تحاول الوصول إلى لحظة الاكتمال من خلال الوصول إلى نهائيات كأس العالم. في هذا السياق يأتي هدف فهد المولد مكتملاً في لحظته الفيزيائية وسياق حضوره، إذ جاء في الوقت المناسب واختار مباراته الأهمّ، وهو في حالة تأهل المنتخب السعودي، سيكون في مرتبته العالمية مع هدف ماجد عبد الله في مرمى المنتخب الكويتي عام ١٨٩٤م، في سياق مشابه تماماً، ولحظة في رياضية مشابهة أيضاً اقتنص فيه ماجد مسافة ضيّقة بين قائم المرمى ولحظة التنفيذ، بحيث لو تأخّر ثانية واحدة لضاعت فرصة التسجيل، غير أن هدف ماجد يتفوق على هدف المولد في أنّ ماجد نفسه صاحب خبرة مكتسبة ومهارة ثابتة لا تتخلّف في اصطياد مثل هذه اللحظات، سواء كان ذلك بضربة الرأس أو مراوغة الحارس، ومع هذا يبقى هدف فهد المولد، بديعاً في تركيبه عميقاً في تلقيه، له علاقة بصاحبه، فكأنما تم تركيبه من حروف "فهد" بعد تصرّف يسيرٍ في الترتيب!.