سعود الصاعدي
قديماً، قبل الاحتراف والتنقّل المستمرّ للاعبي الأندية الرياضية كان اللاعب مفردة صعبة في الفريق، جزءاً من بنية الفريق التجريدية، بحيث لا يستطيع المشجّع أن يستخلص لفريقه المفضّل فكرة مجرّدة أو بناء تجريدياً يضعه نموذجاً لانتمائه الرياضي، وهذا التفكير هو الذي أنتج فيما سبق اللاعب المهاري، واللاعب الجماهيري الذي يشير للفريق بمجرد أن يذكر، كما جعل الجماهير الرياضية على مختلف ميولها ترى اللاعب جزءاً ثابتاً ورقماً سرمدياً في الفريق، بحيث يستحيل مثلا أن تفكّر في انتقاله إلى أي فريق فضلاً عن الفريق الخصم. فلما شاع زمن الاحتراف وصارت الأندية تتبدّل باستمرار على مستوى السطح بناء على حركة التنقّل وتجديد العقود ظهر بشكل غير قابل للجدل ما يسمّى بالتشجيع البنيوي، إن صحّت استعارة مفهوم البنيوية لحقل الرياضة وهي في ظني صحيحة ومدخل ترفيهي لفهم البنيوية الفكرية والأدبية.
والتشجيع البنيوي وإن كان حاضراً في السابق إلا أنّه غير ظاهر على السطح بسبب فكرة الجزء المسيطرة على الكل، فكرة اللاعب المهاري والجماهيري التي أخفت بنية الفريق، أما اليوم فحين ظهر التنقّل بشكله المستمرّ بدا أن الثابت الوحيد في الفريق هي البنية المجرّدة أو الفكرة التي تنتظم اللاعبين في منظومة واحدة يطلق عليها اسم الفريق وشعاره، في حين أن اللاعب ضمن هذا التصوّر تحوّل إلى علامة حرّة، بحسب الطرح البنيوي، والعلامة كما يقال قابلة لأن تشير إلى الشيء وضدّه كما هو معروف، وكذلك اللاعب في زمن الاحتراف قابل إلى أن يكون في الفريق هذا أو منافسه بناء على شروط العقد.
يتضح هذا فيما لو افترضنا في أي مباراة ديربي، انتقال طقم الفريق كاملا بعقد احترافي للفريق الخصم والعكس كذلك، ففي مثل هذه الحالة سيلعب النصر ببنية الهلال والهلال ببنية النصر، باعتبار أن اللاعبين ألفاظ متحرّكة في النص الرياضي، ومن المؤكد هنا أن جماهير النصر ستشجّع لاعبي الهلال ضمن فريق النصر، وسيحدث العكس في المدرّج الهلالي، لأن كلّ مدرّج يشجّع الفكرة التي يرتديها اللاعبون، وهي ذاتها البنية العميقة في النص الرياضي المتحرّك، وهي أيضا فكرة النظم التي ترى أن العبرة بالنسق الذي انتظمت به الألفاظ، لا الألفاظ المفردة المتغيّرة باستمرار من نصّ إلى آخر.
هذه ببساطة شديدة فكرة البنيوية من منظور رياضي أطرحها في هذه المقالة لا بقصد إعادة ما سلف؛ فقد عبرت هذه الفكرة كما عبر غيرها من أفكار سابقة وبقي منها هامش يصلح للتبسيط والشرح، وأظن الرياضة باباً رحباً لإعادة صياغة الأفكار ومخضها من جديد ضمن التصوّر الذي يتعامل مع الرياضة ـ كرة القدم خصوصا ـ كما يتعامل مع النص الأدبي في سياقاته المختلفة لغةً وسياقاً وتلقّياً، وقبل ذلك إنتاجاً ورؤية تعكس ثقافة الشارع الرياضي بشكل خاص والثقافي بشكل عام.
أخيراً أظنني بهذه المقالة فيما يبدو نجحت في تبسيط المعقّد ولكني في الوقت نفسه عقّدت البسيط !
تسديدة أخيرة :
يمكن اختصار المقالة أعلاه في عبارة شديدة البساطة والتكثيف للرمز الرياضي الراحل، الأمير عبد الرحمن بن سعود ـ رحمه الله :" النصر بمن حضر"!.
قديماً، قبل الاحتراف والتنقّل المستمرّ للاعبي الأندية الرياضية كان اللاعب مفردة صعبة في الفريق، جزءاً من بنية الفريق التجريدية، بحيث لا يستطيع المشجّع أن يستخلص لفريقه المفضّل فكرة مجرّدة أو بناء تجريدياً يضعه نموذجاً لانتمائه الرياضي، وهذا التفكير هو الذي أنتج فيما سبق اللاعب المهاري، واللاعب الجماهيري الذي يشير للفريق بمجرد أن يذكر، كما جعل الجماهير الرياضية على مختلف ميولها ترى اللاعب جزءاً ثابتاً ورقماً سرمدياً في الفريق، بحيث يستحيل مثلا أن تفكّر في انتقاله إلى أي فريق فضلاً عن الفريق الخصم. فلما شاع زمن الاحتراف وصارت الأندية تتبدّل باستمرار على مستوى السطح بناء على حركة التنقّل وتجديد العقود ظهر بشكل غير قابل للجدل ما يسمّى بالتشجيع البنيوي، إن صحّت استعارة مفهوم البنيوية لحقل الرياضة وهي في ظني صحيحة ومدخل ترفيهي لفهم البنيوية الفكرية والأدبية.
والتشجيع البنيوي وإن كان حاضراً في السابق إلا أنّه غير ظاهر على السطح بسبب فكرة الجزء المسيطرة على الكل، فكرة اللاعب المهاري والجماهيري التي أخفت بنية الفريق، أما اليوم فحين ظهر التنقّل بشكله المستمرّ بدا أن الثابت الوحيد في الفريق هي البنية المجرّدة أو الفكرة التي تنتظم اللاعبين في منظومة واحدة يطلق عليها اسم الفريق وشعاره، في حين أن اللاعب ضمن هذا التصوّر تحوّل إلى علامة حرّة، بحسب الطرح البنيوي، والعلامة كما يقال قابلة لأن تشير إلى الشيء وضدّه كما هو معروف، وكذلك اللاعب في زمن الاحتراف قابل إلى أن يكون في الفريق هذا أو منافسه بناء على شروط العقد.
يتضح هذا فيما لو افترضنا في أي مباراة ديربي، انتقال طقم الفريق كاملا بعقد احترافي للفريق الخصم والعكس كذلك، ففي مثل هذه الحالة سيلعب النصر ببنية الهلال والهلال ببنية النصر، باعتبار أن اللاعبين ألفاظ متحرّكة في النص الرياضي، ومن المؤكد هنا أن جماهير النصر ستشجّع لاعبي الهلال ضمن فريق النصر، وسيحدث العكس في المدرّج الهلالي، لأن كلّ مدرّج يشجّع الفكرة التي يرتديها اللاعبون، وهي ذاتها البنية العميقة في النص الرياضي المتحرّك، وهي أيضا فكرة النظم التي ترى أن العبرة بالنسق الذي انتظمت به الألفاظ، لا الألفاظ المفردة المتغيّرة باستمرار من نصّ إلى آخر.
هذه ببساطة شديدة فكرة البنيوية من منظور رياضي أطرحها في هذه المقالة لا بقصد إعادة ما سلف؛ فقد عبرت هذه الفكرة كما عبر غيرها من أفكار سابقة وبقي منها هامش يصلح للتبسيط والشرح، وأظن الرياضة باباً رحباً لإعادة صياغة الأفكار ومخضها من جديد ضمن التصوّر الذي يتعامل مع الرياضة ـ كرة القدم خصوصا ـ كما يتعامل مع النص الأدبي في سياقاته المختلفة لغةً وسياقاً وتلقّياً، وقبل ذلك إنتاجاً ورؤية تعكس ثقافة الشارع الرياضي بشكل خاص والثقافي بشكل عام.
أخيراً أظنني بهذه المقالة فيما يبدو نجحت في تبسيط المعقّد ولكني في الوقت نفسه عقّدت البسيط !
تسديدة أخيرة :
يمكن اختصار المقالة أعلاه في عبارة شديدة البساطة والتكثيف للرمز الرياضي الراحل، الأمير عبد الرحمن بن سعود ـ رحمه الله :" النصر بمن حضر"!.