|


No Author
فهد بن علي - كذبة واحدة لطلال مداح
2017-07-20

دارت حناجرهم جميعًا في قلب الرياض، التفت الجماهير حولهم، كأنهم وهم يحيطون مطربيهم المفضلين، يباشرون إلقاء القبض على البهجة والفرحة.

 

وفي أحايين لعطشهم الجمالي لا يمنحون أصوات المطربين المتّسع لغناء كامل الأغنية، تمدد نشواتهم يمنحهم حلاوة الطرب فتصدح أفواه الحضور فوق صوت المطرب الذي يصمت امتناناً على تمسّكهم بنتاجه الفني.

 

هكذا عادت مساءات الرياض من جديد لتؤكد قيمة الحياة بالموسيقى والكلمة والصوت ضمن برامج الترفيه.

 

وقد لاحت ذاكرتي على "طلال مداح"، صادحاً في ممر فسيح بذهني: "خمسة وعشرون عاماً، ضاعت وسط الزحام"، رحل قبل زهاء خمسة عشر عاماً، وبقي على "الخمسة وعشرين عاماً" - شرط أغنيته الوحيد - عشرة أعوام فقط، لتؤكد أن لثغة طلال عصية على الضياع في زحام الأيام ومهما تعددت المسارح.

 

وقد عُرف طلال بالصدق والوفاء فإنه لم يكذب إلا مرّة واحدة بسبب عمل فنّي "وترحل صرختي تذبل" الصحيح أن صرخة طلال لا تذبل أبداً. قدر طلال يتّضح في امتداد سخائه بعد موته أيضاً، لا حفلات له لأنه رحل بأكمله وترك لنا صوته، كصدقة جمالية، نتسول منه ما ينعش أمزجتنا.

 

إلا أن إذاعات الراديو والكاسيت، وموقعي اليوتيوب والساوند كلاود تتزاحم عليها الآذان، وتكبس الأصابع على أجهزة الهاتف، نردد مع أغانيه، فرادى، وأحياناً كثنائي كما أفعل مع صديقي ناصر في شوارع الرياض مع كامل امتناني لتجاوزه رداءة صوتي.

 

حفلات طلال بديمومة دائمة تتخلل مُدننا، وباختلاف الأوقات تقام على الطرق السريعة، والشوارع الفرعية، وداخل الأحياء المظلمة، تبدأ داخل السيارات عند وضع الكاسيهات والأشرطة في حلق المُسجل.

 

وإن حفلات الرياض هذا العام ليست عزاءً كسيحاً، وأغنية أخيرة، لعظمة ما خلّفه طلال، إنما محاولة جادة لإيواء أُنسنا المهاجر واستقطابه مجددًا إلى البلاد، وهي في نهاية المطاف بنظري محاولة جادة إلى ترسيخ الفن السعودي بعد أن ترنح مع ترنح "عود" طلال مداح في خشبة مسرح المفتاحة.