|


No Author
المجد للسراويل - فهد بن علي
2017-08-24

عند أغنام جدّي، على بعد قرابة عشرين كيلاً من الرياض، كُنت أمسك أطراف ثوبي من الأسفل كي أعقده على خاصرتي، ثم أطلق قدميَّ للمدى، أركض "بسروالي الأبيض" وفاتني الانتباه على ما يبدو للون السروال، الذي ألمح لي منذ البدء بهزيمتي المبكرة في الحياة. 

 

 

يستمر ركضي حاملاً وجهي الذي يتعكّر تارةً ويتلوى تارةً أخرى من حمى الشمس، وما زلت شعوريًّا أتوهم بأني منذ عشرة أعوام مستمراً على منوال ركضتي في الصحراء، لم أتوقف ثانية حتى أعتاب لحظتنا الآنية. 

 

 

ما حفّزني على تبديد فكرة الوقوف هو إيماننا القديم، إذ إنه لا يكون النجاح قائماً دون لهاث وأنفاس متقطعة على مضمار الحياة، من انبرى إلى كشف بطلان هذا الإيمان وتبيين عدم جدواه ليسوا هم الفلاسفة ولا المفكرون أو الشعراء، بل مجموعة نساء مراهقات نعتن أنفسهن بـ "فاشينستا"، بينما "أهرول" مع أشقائي باحثاً عن مجد وترف تنالهما "الفاشنستا" وهي "واقفة" أمام عدسة الكاميرا. 

 

 

وربما ليكشفن مدى جهل تعاطينا المبالغ فيه مع الوجود الذي أدى إلى استنزاف طاقاتنا وتعرّق أجسادنا، بدأن يقفن بجسد مائل وبوجه يحمل نصف ابتسامة، وبدورنا نمرق نحن جوارهن راكضين في أيامنا بأجساد مستقيمة ووجوه متجهمة نال منها التعب. 

 

 

ثم يقضتي الأمر عليّ شرح مصطلح "فاشنستا" للذين يجهلونه من المتراجعين حضاريًّا، "الفاشنستا" هي امرأة "عشرينية أو ثلاثينية" لا يكون مصير حياتها المعيشية مثلنا مرتبطًا بسعر برميل النفط، ولا بمدى متانة اقتصاد بلادها. إنها تراهن على "غرائز الشباب" المتلهف على إبهاج ناظريه، وتعتمد على النساء في تتبعهن لقمصانها وأحذيتها. ومن ركائز طقوس عملها التقاط الصور طوال العام، خلافاً لنا الذين عادةً نلتقط صورة واحدة تكون في إجازتنا السنوية مبيّنة آثار السنة الفائتة على ملامح وجوهنا. 

 

 

لا يمنعني خدشهن للحياء العام عن المباركة لهن بالفوز العريض في الحياة بمجهود لا يذكر، كلّفهن قميصين وسروالين وحذاءين وخصراً مائلاً، وأنقل مباركتي إلى جميع مؤازرينهن من الشباب المعطوب عاطفيًّا، متمنيًا لي ولسروالي الأبيض الحظ الطيب بالركض في السنين القادمة بمسالك حياتي.