بالمدينة التي لا تكف أبدًا عن الأنين، "هيوستن" رابع أكبر مدن أمريكا من حيث المساحة، وعاصمة الطب في العالم، يرزح فوق أسرّتها الكثير من المرضى بحالاتهم المستعصية، من بينهم آلاف المرضى الخليجيين الذين لجؤوا إليها بعد انتفاء أسباب العلاج في بلدانهم. توقّف العالم الحديث عنها كمدينة ترتدي قفّازات طبيب وتقبض على المباضع كجراح ماهر، وتستخدم أشعة ليزر حديثة لتشفي مرضاها، غدت هيوستن ترقص مرغمةً أمام وجه الرياح العاصفة ويضربها المطر بتعنت،
غرقت شوارع هيوستن الطيبة هي من كانت وستظل تمنح ـ بعد الله ـ الشفاء للذين كادوا يقنطون من أمل الشفاء، وآمل ـ على خلاف الأغنية الوطنية الشهيرة ـ أن يعيق الله كل أعاصير الدنيا عن بلدان العالم، وتبقى وحدها أعاصير كرة القدم تطل برأسها، مرددين مع عبادي الجوهر: "جاكم الإعصار ما شيٍّ يعيقه"، مثل "إعصار المنتخب السعودي"، حيث الجميع يكبر في دواخلهم الحلم إبان كتابتي لهذه الكلمات أن يضرب في استاد "هزاع بن زايد"، ولن يخلّف جثثًا ويدمّر وجوه المتاجر في "أبو ظبي"، غير أنه فقط سينتزع فرحة عارمة بعد إطاحته بثلاث نقاط جراء قوته الإعصارية المأمولة، ويعود بها إلى السعودية.
أمّا عن إعصار "هارفي"، وهو الاسم الذي أُطلق على إعصار هيوستن، أتّفق مع من ألمزوا وألمحوا أن هنالك "عقابًا إلهيًّا"، وأختلف معهم عن نوعيته، فإن الإعصار بنظري لم يكشف عقابًا إلهيًّا على المدينة، بقدر ما اتضّح العقاب الحقيقي بعقول من استخدمت كل طاقاتها الذهنية لتخرج بذلك التفسير المبهر، وأني أرجو الله الذي أكرمنا بخلو منطقتنا الجغرافية من الكوارث الطبيعية، أن يجلو من يؤازرون ومن يعتدون حتى على المساجد، ويقتلون بتشفٍّ وجوه لا يعرفونها ولم ينالوا منها ضرًّا. وأخيرًا أرجوه أيضًا أن يتمم إرسال إعصارنا الأخضر إلى روسيا 2018.