|


No Author
الأغاني الإيمانية - فهد بن علي
2017-09-03

أعرف إنسانًا بتركيب عاطفي خشبي يرفض الاستماع إلى الأغاني، وعلّته حول الغناء تعود إلى تحريضها الشعوري غير المجد، حيث حين يعصى عليه التعبير وبحسب معرفتي بشخصيته أظنه يودّ قول "حقيقة الغناء": إنه مجرّد حالة شعورية تُملّك نفوسنا للوصول إلى السماء، وما إن يسحب الموسيقيون أيديهم عن الآلات نسقط مباشرة إلى الواقع، مع توقّف فم المطرب عن دفق الصوت معلنًا انقضاء الأغنية. 

 

يرى لا فائدة من الأغاني، إذ لا حاجة له فيها للارتطامات، خصوصًا مع الإغراءات الصوتية الحديثة للمطربين والمطربات والألحان الرخوية المصاحبة لكلمات الحب الجامحة. لكن ماذا حينما ننصت "لأغانٍ" تذكّر قلوبنا الممزقة باحتياجها الدائم إلى الله، ومعنى كلماتها الذي يرتقي بنا روحانيًّا ونحن في أيام الأضحى المباركة نكبّر ونهلل.. 

 

قال بدر شاكر السياب ـ الشاعر العراقي الكبير ـ على فراش مرضه: "لك الحمد إن الرزايا عطاء، وأن المصيبات بعض الكرم"، وتكفّل الفنان سعدون جابر بإذاعة هذا الحمد وزرعه في أتربة نفوسنا ليبقى أبديًّا. وقال "نايف صقر" بليلة ندم: "أنا عبدك ولد عبدك وجدّاني هل التوحيد.. 

 

خطاياي أخجلتني يا الله الغفران والتوبة"، وانبرت لها حنجرة "حمد الطيار" - رحمه الله - . لا شك أن الاستغفار بالجمل الدينية المتعارف عليها أعظم أجرًا وأنفع لنا، وعلى نحو فني أجد من الجمال يكون نصيبًا لهذه الأعمال مساحة في الغناء، وسوف يكون لها قبول لصدق آلام النفس وآلام الضمير التي جعلت "السياب" و"صقر" يصدحان برائعتيهما التوجدية.