لم يمر وقت طويل على تعيين المستشار في الديوان الملكي تركي آل الشيخ، في منصب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة، حتى توالى صدور العديد من القرارات الجريئة والعلاجية والتطويرية؛ لحل الكثير من الأمور الرياضية المعلقة، وتحريك الكثير من القضايا المجمدة، وتطوير كرة القدم تجهيزًا لمشاركة منتخب الوطن في مونديال روسيا القادم.
وعلى الرغم من الاهتمام المحلي الكبير بالرياضة، إلا أنه لا يمكن للمتابع العادي للشأن الرياضي أن يحصي عدد القرارات ولا مواضيعها، على الرغم من قصر الفترة الزمنية للقرارات من جهة، وأهمية مواضيع القرارات من جهة أخرى.
القرارات التي صدرت، وإن كنا متفائلين بدورها الإيجابي من أجل النهوض بالرياضة، لا يمكن فعليًّا تقييمها بشكل عادل وصحيح، إلا بعد ظهور نتائج ملموسة لها؛ فما ينجح منها نحافظ على استمراريته وتطويره، وما لا ينجح منها تتم مراجعته وتقويمه لتعديله أو استبداله، وهذا هو الأمر الطبيعي حسب مبادئ الإدارة.
ولست هنا بصدد سرد القرارات أو مناقشتها، فلست من المسؤولين عنها، ولا عن الصفات الشخصية لمن أصدرها؛ لعدم وجود معرفة أو علاقة تربط بيننا، ولكن ما أثار اهتمامي في الأساس بوصفي متخصصًا ومتابعًا تفاصيل هذا الشأن، هو مبدأ القيادة والأسلوب الإداري غير المعتاد لقطاع حكومي حيوي ومهم، يتم العمل فيه وفقًا لرؤية واضحة ومبادرات متزامنة تعالج الماضي "بهدف الإصلاح"، وتتعامل مع الحاضر "بهدف التطوير"، وتعمل من أجل المستقبل "بهدف النجاح".
الكثير من المسؤولين يستهلون بداية مهامهم العملية بإعلان خططهم التطويرية للوطن، ومبادراتهم إلى توفير الراحة للمواطنين، ولكن الخطط وإعلانها تبقى ضمن تصنيف "الوعود"، طالما لم تتعد محيط المكاتب، ولم تتخلص من البيروقراطية القاتلة، ولم تصل مباداراتها فعليًّا إلى مراحل البدء في التنفيذ.
وعلى الرغم من تقديري للاختلاف الشاسع بين القطاعات من ناحية الإرث التاريخي والموارد المالية والبشرية وحجم الأعمال، وما إلى ذلك من نقاط الاختلاف، إلا أنني على يقين تام بأنه متى ما وجدت الإرادة الحقيقية، والإدارة المتمكنة، وجدت النتائج الصحيحة.
لدينا ولله الحمد العديد من النماذج لمسؤولين أكفاء، نفتخر بهم بوصفهم مواطنين نالوا ثقة القيادة وترجموها إلى نتائج ملموسة على مستوى الوطن والمواطنين والوافدين وضيوف السعودية، وليس من العدل أن أتجاوز بهذا المقال الحق الأدبي والمعنوي، دون الإشارة إلى النتائج المتميزة لوزارة الثقافة والإعلام وهيئة الترفية، لكن تبقى الهيئة العامة للرياضة هي المثال المتميز والنموذج المثالي؛ لتصل رسالة المقال بكل وضوح إلى أصحاب الأيدي المرتعشة.
رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة مثال للقائد المسؤول الذي قابل الثقة بالعمل، حيث ركز على المسؤولية وثقلها، لا على المنصب ووهجه، يبذل طاقته من أجل التطوير ولا يبددها في التنظير، فقد استهل مهامه بالأفعال لا بالأقوال، يعيد هيكلة الرياضة في الوطن، ويتعامل مع الأمور في أوقاتها، لا في أوقات الدوام الرسمي، ويتخذ القرار، ويكون حاضرًا لتوضيحه بدرجة عالية من الصراحة والشفافية، فيعالج قضية واحدة ليغلق بها العديد من الملفات.
والأهم بالنسبة لي بوصفي مواطنًا، أن تركي آل الشيخ كسر الحواجز الوهمية التي تعيق المسؤولين أصحاب الأيدي المرتعشة من تحمل المسؤولية بكل ثقة واتخاذ القرارات الصحيحية بلا تردد أو تأخير، فالتمسك بالكرسي والمنصب، والخشية من تبعات اتخاذ القرار، والخوف من المواجهة، صفات لا يجب أن يحملها قاموس أي مسؤول في وطني؛ سواء كان يعمل في القطاع العام أو في القطاع الخاص.