على إثر ما نشر قبل فترة وجيزة في تويتر من اعتذارات قدمها عدد من الزملاء الإعلاميين لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة، وعلى إثر حالة الهدوء الظاهرة في أسلوب الطرح الإعلامي السائدة هذه الأيام من قبل حملة الأقلام ممن لهم وجود في البرامج الرياضية، أو في الصحف الورقية، أو في صفحات التواصل الاجتماعي، أصبحت نسبة كبيرة من رواد تويتر، وكل من له صلة بالمجتمع الرياضي يتساءل "معقولة كل الإعلاميين "هبطت" فجأة على قلوبهم "السكينة"، وانطبق عليهم ما ذكره رئيس هيئة الرياضة للزميل بتال القوس "الله هداهم" دفعة واحدة، أم أن الحقيقة تكمن في أن تلك الاعتذارات و"العين الحمراء" التي يتبعها آل الشيخ عبر سياسة "الحزم"، والتي برزت من خلال مجموعة من القرارات اتسمت في آلية تطبيقها بميزان كفته العدل بين الجميع، هي من شكلت هذه الهدوء والرزانة في الطرح الإعلامي؟ وبالتالي كونت "خوفًا" من عقوبات تمنعهم من إكمال مسيرتهم الإعلامية؟.
ـ لم تكتف هذه الفئة "المندهشة "من طرح هذا التساؤل، إنما هناك من ذهب بعيدًا موجهًا الاتهام بأن الإعلام الرياضي أصبح يميل إلى لغة "التطبيل" الداعمة لقوة السلطة الرياضية، ولم يعد يملك الحرية ليبدي رأيًا مخالفًا، حيث سيكون مصير هذا المخالف ضمن قائمة "رايحين يوحشونا!".
ـ إشكالية ذلك التساؤل وما تبعه من اتهام في الحقيقة لا يمكن أن ألوم من عبروا عن آرائهم بأي صيغة كانت، على اعتبار أنهم تعودوا على مدى حقبة كبيرة من الزمن على أسلوب معين من الطرح الإعلامي، فحينما تغير اعتبروه "انقلابًا" على حرية الكلمة، في حين أننا لو اطلعنا على كثير من استطلاعات الرأي والاستفتاءات التي كانت تقوم بها جهات مختصة لمعرفة رأي الناس في أسباب "التعصب الرياضي"، لوجدنا أن الغالبية من الآراء تضع الإعلام جزءًا رئيسًا من المشكلة، مطالبة الحد من هذا الانفلات الذي انعكس سلبًا على المشجع الرياضي والرياضة عمومًا، بما يفرض سؤالًا مهمًّا وهو "ما هذا التناقض في المواقف؟!"، بما يعني أن من كان يضع الإعلام سببًا في تأخر الرياضة عندنا كلامه غير صحيح، ومن ثم مرجوع إليه "شكلًا ومضمونًا "وفي ذلك "انتصار" عظيم ومهم للإعلام "الحر" على أولئك الذي كان من بينهم من يحلو له وصفه بـ "الإعلام المنفلت" وعليه يجب على كل إعلامي بما فيهم من قدموا "اعتذاراتهم" في توتير، تقديم كل الشكر والتقدير لرئيس الهيئة الرياضية، الذي ـ دون أن يعلم ـ قدم خدمة كبيرة وجليلة لحملة الأقلام، بعدما كشف واقع مجتمع "متناقض" وفضح في الوقت نفسه معاناة حقيقية لوجوه تلبس أكثر من وجه مقنع لا تعرف ماذا تريد تحديدًا؟! تميل إلى حب "الشوشرة والبلبلة"، لينطبق على سلوكها "المتذبذب" المثل القائل "ما يعحبه العجب، ولا الصيام في رجب".
ـ من وجهة نظري الخاصة، ما يحدث في إعلامنا الرياضي هو تنفيذ لتوجه دولة لعمليات "تصحيح وإصلاح" شاملة في المجالات كافة، ولا تقتصر على الإعلام فحسب، ومثلما وجدنا المجتمع السعودي بكافة شرائحه سعيدًا متفاعلًا وإيجابًّيا مع قرارات تنشد "الإصلاح" العام ومحاربة "الفساد" بكل ألوانه وأنواعه، من المفترض أن يكون هناك أيضًا انسجام مع هذه التوجه العام، وأن تتفاعل معه كل أطياف مجتمعنا الرياضي بصفة عامة، بما فيه الجمهور المشجع والمتابع على مختلف انتماءاتهم الكروية، والذي يعد جزءًا مكملًا لمعادلة "التصحيح والإصلاح" في الشأن الرياضي، أما من يحاولون الخروج عن هذا التوجه بإثارة الشائعات المغرضة والفوضى واستخدام وسائل "التحريض والفتنة"، فينبغي عدم السكوت عليهم ومواجهتهم بـ "يدٍ من حديد"، لأن أي تهاون معهم سيؤدي حتمًا إلى "تماديهم"، ليس هذا فحسب، إنما سيفتح أبوابًا أخرى لعدوى قد تنتقل من تويتر والمدرجات إلى مواقع مؤثرة في اتجاه مفاصل مهمة، يصبح حينذاك من الصعب جدًّا إغلاقها أو السيطرة عليها.