هذه المقالة عن الرقيب، وهي لا تخص الكويت وحدها دون أدنى شك!.
ـ يضعون على الكتب رقيبًا، يسمّونه رقيب مؤلَّفات، وتنحصر مهمّته في المُصادَرَة، في منع الكتب من الحضور، تلك الكتب التي يرى أنها مُضِرَّة بالصّحّة!.
ـ الرّقيب في حقيقته ليس ضد الكتاب ولا ضد الكاتب، لا يقدر على هذه المهمّة أصلًا!، هو ضد القارئ!، واسمه الأكثر من حقيقي: رقيب القارئ!،.
ـ لكن ولأنّ هذا المُسمّى الأكثر من حقيقي يصطدم بكَ شخصيًّا كقارئ، ويكشف عن عدائيّة "تربويّة" مباشرة تجاهك، تجاهنا كقرّاء، وبهدف التخفيف من هذه العدائيّة المتعالية، تم تحوير و"تزوير" المسمّى فقيل: رقيب مطبوعات!.
ـ رقيب المُؤَلّفات أو المطبوعات هذا قارئ بالأُجْرَة!.
ـ وهو يقرأ ليقول: لا، رغم أنّ القراءة: نعم، نعم كبيرة، نعم قابلة للتوسّع أكثر وأكثر وأكثر!.
ـ يمارس الرقيب كقارئ، الدّور النقيض تمامًا للقارئ!، وهو كلّما تصرّف كقارئ حقيقي، اقترب من فقد وظيفته!، إذْ لا دليل عليها مطلقًا ما لم يمارس حجبًا من أي نوع!. وهو على أيّة حال لن يتصرّف كقارئ حقيقي لأنه أقل من ذلك!.
ـ القراءة تأمّل وليست مراقبة!.
ـ والقارئ الذي يقبل لقب المراقِب، بينما لا تعنيه في شيء صفة المُتأمِّل، هو قارئ ضد القراءة والقرّاء!. لكنه أعجز من أن يكون ضد الكتابة!، أؤكد: هو لا يمنع كاتبًا ولا كتابًا، هو يمنع قارئًا ويحجب إمكانيّة قراءة!.
ـ وكل منعه مؤقّت، ليس أكثر من تأجيل ثقيل الظل!، وكل حجبه زائل، فالكتاب وقارئه سيلتقيان عاجلًا أم آجلًا، وسيضحكان على رزانته البائخة، وأعترف: هذه المقالة كُتِبَتْ أصلًا بهدف السخرية من مثل هذه الرّزانات!.
ـ لا يقدر الرقيب على مناقشة ما تمّت كتابته وطباعته، يقدر على منعك من الوصول إليه، وهو بمحاولة منعك، يدلّك على الكتاب: حُلْم كل مُلْصَق إعلاني أنْ يصل إلى نصف النتيجة التي يحققها منْع رقيب لكتاب!.
ـ وهذه معلومة أقدمها مجانًا لكل رقيب: كل بائع كتب شاطر، يعرف القارئ من عيونه، ويهمس له: عندي كتاب ممنوع، لدي نسخة مصادَرَة!، أو: أعطني قائمة بما تريد واستلم شحنتك بعد أسبوع!.
ـ الرقيب شخصيّة ضعيفة وهزليّة!،
ـ ضعيفة بالنسبة للكاتب، "ولا أريد استخدام كلمة أفضح من ضعيفة"، وهي من فرط ضعفها غير موجودة في ذهنه، ما لم يكن كاتبًا ضعيفًاً هو الآخر!،.
ـ وهزليّة بالنسبة للقارئ، "و لا أجد كلمة أنسب من هزليّة"، وهناك ضحكة ساخرة على شفاه كل قارئ حقيقي بعد كل سطر أو جملة يلتقيها في كتاب فيتأكد له هروبها من الرّقباء!.
ـ في كل مطار "سوق حرّة"، وفي كل قراءة: أمطار حرّة، لها الحق في أنْ تبلّل من تشاء!.
ـ على الأقل، فليأخذ الرقيب إجازة عشرة أيام في السنة، تلك الأيام التي تقام فيها معارض الكتب، أو فلا حاجة للمعارض!.
ـ حين يتعلّق الأمر بالحريّة والكتب: محزن أنْ لا تكون الكويت استثناءً!.