|


فهد علي
روسيا بتتكلم عربي
2017-11-14

 

 

كنت كغيري جاهلاً اللغة الرسمية لكوكبنا الموقّر، وكنت كغيري أيضاً لم تأت إلى ذهني فكرة أن للأرض للغة أو هوية إلا أن قفز صوت سيد مكّاوي بأغنية "الأرض بتتكلم عربي". مع تأهل المغرب وتونس كإتمام للعقد الذي بدأ بخرزتين اثنتين ـ الأولى خضراء والأخرى صفراء ـ بتأهل المنتخب السعودي والمصري تبعهما المغربي والتونسي سيزدان عنق روسيا، عرفت أن موسكو وكل مدن روسيا سوف تتكلم عربي كما أشار وتنبأ "سيد مكاوي" ـ رحمه الله . 

 

المشهد الجمالي للرياضة أنه حتى أولئك الناس الذين لا يجدون ضالات الترفيه والمتعة في كرة القدم تراهم في مقدمة المتزاحمين أمام شاشات التلفاز، بعيون مترقّبة وقلوب شغوفة تنظر بقلق لمباراة منتخب بلادها، تلك الأوطان التي تريد الفرح وتستدرجه عبر تشجيع لاعبي بلدناهم لتحقيق الانتصارات. 

 

وما يدلل على كونها شعوب تعود إلى ذاتها وتنتمي لنفسها أنها نسجت قصائدها وصدحت بغنائها دون الإلتفاف أو التودد للحكومات، إن "أحمد فؤاد نجم" ورفيقه "الشيخ إمام" تزامناً مع تأهل مصر لكأس العالم عادت إلى أذهاننا أغنيتهما الشهيرة "مصر يمّه يا بهية.. يا أم طرحة وجلابية"، كل ذلك الحب للأرض يكاد ينسيك أنهما قد قضيا قرابة عشرين عاماً في سجون بلدهم، تتوالى الأغاني وتسبق "النشيد الوطني الرسمي"، ذلك التنافس لتعبير إنسان الشارع عن عواطفه تجاه بلاده يثير متعتي حقاً وإن كان اندفاعه غير مفهوم، في جانبنا المحلي قيل إن "طلال مدّاح" غنى "وطني الحبيب وهل أحب سواه" بعد شعوره بجفاء من أرضه التي يأبى إلا أن يرتد إليها. 

 

وأخيراً إن وصولنا إلى كأس العالم حدث ثقافي قبل تصنيفه رياضياً، بعد سماع ملايين البشر لأول مرّة باسم بلادنا، ذلك ما سيحثهم على رغبة الاطلاع والبحث، رغم أنه يظن بعض منّا أن الإنسان "المجري" مثلاً ينتظر مثلنا بصبر نافد نتائج مكافحة الفساد الوطنية رغم ذهابه إلى عمله وعودته وقضائه أيام حياته ومشاهدته لرياضات العالم دون أن يعرف أصلاً أين "المملكة العربية السعودية" على خارطة العالم، وذلك لأنها كفّت عن الظهور للعالم منذ 12 سنة، ولم ترتدي منذ حينها زي كرة القدم.