القائد الحقيقي هو من يهتم ويعظم أمر الجماهير ولكنه عند الأزمات هو من يقود الجماهير لامن تقوده حتى يصل بها إلى بر الأمان.
هذا القائد هو مايفتقده النادي الأهلي منذ أعوام طويلة لا على المستوى الإداري أو الإعلامي فتجد إدارات الأهلي المختلفة تنقاد خلف عاطفة الجماهير وهي من تسيرها بدلا من أن تسير هذه الجماهير خلف أهدافها وهو ما جعل المواقف الأهلاوية الرسمية دائما ما تجنح بالفريق خارج الملعب وتؤثر في نتائجه وهي السبب الحقيقي في غياب الأهلي عن منصات التتويج أعواما طويلة سوى في مرات معدودة وما جعلت غيابه عن البطولة الأهم بطولة الدوري السعودي يتجاوز الثلاثة عقود قبل أن يحققها الموسم قبل الماضي .
حتى حين تمكن الأهلاويون من تحقيق هذه البطولة الحلم بالنسبة لهم، لم يحسنوا التعامل معها على المستوى الرسمي والإعلامي لينقاد هؤلاء خلف العاطفة الجماهيرية ما أفرز لنا تلك الصور عقب التتويج وحركة الأنف الشهيرة " دق الخشوم كما يقال في اللهجة العامية" رغم أن هذه الحركة والمصطلح غريبين على الثقافة الأهلاوية والحجازية بشكل عام.
ذلك المصطلح البليد البعيد في غالب ممارساته عن القانونية والنظام هو ما شكل تعامل الأهلاويين مع بقية قضاياهم الرياضية بشكل عام وعلى سبيل المثال لا الحصر انقياد الأهلاويين الرسمي الموسم الماضي خلف لقب الملكي وإصدار تلك البيانات ما أسهم في إخراج الفريق من جو المنافسة مع الهلال في المراحل الأخيرة من الدوري، أضف إلى ذلك التعامل الرسمي والإعلامي مع قضية انتقال محمد العويس حارس نادي الشباب والانقياد خلف العاطفة الجماهيرية وعلى طريقة ذلك المصطلح " دق الخشوم" ليحول الأهلاويون تلك المفاوضات إلى حالة حرب استخدموا فيها كل الممارسات المجرمة قانونيا، كما تم الكشف عن بعضها أخيرا يساندها في ذلك ثلة من الإعلاميين الأهلاويين الذين لا تملك أقلامهم حريتها وروح القيادة بل هي أقلام تتلخص كتاباتها ورؤاها حول مايطلبه المشاهدون حتى أن طرحهم المقيت ضد الآخرين تجاوز مايطرحه بعض الجماهير الأهلاوية.
الأهلاويون بانقيادهم خلف العاطفة الجماهيرية قزموا ناديهم في أكثر من موضع كما ذكرت فكأن لقب الملكي هو من سيصنع التاريخ الأهلاوي وكأن محمد العويس هو الإنجاز الأكبر في حياتهم.
ويبدو أن الرمزية التي يصنعها الأهلاويون لأشخاص معينين ومسألة الرمز الأوحد التي يحاولون تكريسها هي السبب في ذلك إذ يبدو أن الرمزية هي من يقود الخطاب الأهلاوي الرسمي والإعلامي مهما اختلفت الإدارات ومهما اختلف إعلاميو النادي ليعيش النادي تحت دائرة المظلومية التي يعيشها الأهلاويون والمرتبطة كما يبدو بالرمزية الأهلاوية.
الأهلي رغم الامكانات الهائلة ماديا وإعلاميا وجماهيريا إلا أنه لم يستطع رغم ذلك أن يكون عنصرا ثابتا في التنافس البطولي المحلي والخارجي فطوال عقود تجاوزت الثلاثين عاما وهو السن الذي يتجاوز أعمار غالبية مشجعيه لم يحقق سوى بطولة دوري يتيمة وبضع بطولات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة من ذوات النفس القصير.
غياب القائد في الأهلي وغياب العمل المؤسسي والإغراق في الرمزية أوصلت الأهلي لما هو عليه الآن فهو أسهل الفرق التي قد تتشتت خارج الملعب ولا تجد من يجمع هذا الشتات بل تجد من يدعمه رسميا وإعلاميا واسألو خالد البلطان عن ذلك والذي نجح في هذا الأمر وصنع لفريقه منافسا تلك السنين رغم أنه يقود ناديا لا يمتلك تلك الكثافة الجماهيرية ويعيش بين كماشتي الهلال والنصر، وفي تلك الأعوام من المنافسة استطاع البلطان أن يطيح بمنافسه الأهلي في كل منازلة داخل الملعب وترك مهمة المواجهة خارج الملعب لرجل واحد أمام جيش من الإعلاميين.
انظر فقط لحال الأهلي الأخير بعد إدانته رياضيا وجنائيا في قضية العويس لتكتشف غياب هذا القائد وشاهد انشغال جماهيره بهاشتاق " منتخبنا حيوحشنا في المونديال" وصمت إعلامه وإدارته عن ذلك وهو صمت من يوافقه الأمر ولايستطيع المشاركة فيه.
الأهلي إن لم يكتب له الله قائدا حقيقيا والأمل في تركي بن محمد الرئيس المكلف فستجده بعيدا عن المنافسة وستجد منتخبنا كما يقولون يلعب في روسيا وهم يتحسرون على ضياع بطولات الموسم.