|


مسلي آل معمر
الكبير قبل الصغير
2017-11-07

 

 

 

كان أول الأسئلة بروزًا مع إعلان مشروع الحلم "نيوم" هو.. من أين سيتم تمويل الميزانية التقديرية والمحددة بـ 500 مليار دولار؟! التحليلات والأجوبة كانت تقول إن جزءًا كبيرًا منها سيكون عن طريق جذب رؤوس أموال أجنبية للاستثمار، ومن هنا يبدأ الكلام المباح، وينطلق القرار ليمر بكل المناطق المحظورة في عصور مضت، لأن المرحلة تغيرت بالكامل، حيث أضحى الوضع أشبه بالمريض الذي ينتظر استئصال جزءٍ من جسده ليعيش حياة هانئة، فقط هو يحتاج إلى أن يصبر على ألم البتر قليلًا لكي يرتاح طويلًا.

 

رؤوس الأموال الأجنبية جبانة، ذكية وعزيزة على نفوس أصحابها، لذا فإن أول خطوة للاستثمار الدولي تتمثل في دراسة حالة الدولة المستهدفة للاستثمار من جميع النواحي، وأهمها الحوكمة، البيروقراطية، القدرة الشرائية للفرد، الدخل القومي للدولة، كفاءة الأيدي العاملة، نزاهة القضاء، وغيرها من العوامل التي تحدد جدوى الدخول للاستثمار في البلد من عدمه، ولا يخفى علينا أن الفساد والبيروقراطية وبعض القيود الاجتماعية طالما كانت عوائق أمام أي رأسمال أجنبي يحلم بالدخول للاستثمار في بلد ينعم بمتانة الاقتصاد والقوة الشرائية للفرد.

 

ولا شك أن الإصلاحات المتوالية في الأشهر الأخيرة ما هي إلا دعوة مفتوحة لجميع المستثمرين، مفادها أن البلد يتغير بتسارع ملفت، حيث كانت البداية باعتماد رؤية 2030 مرورًا بالسماح للمرأة بالقيادة، مع فتح المجال للشركات الأجنبية بافتتاح فروع لها دون شركاء سعوديين، ثم تأسيس المحاكم التجارية، وربط النيابة العامة بالملك مباشرة.

 

أما القفزة التاريخية في هذا التغيير، فتمثلت في إحالة مسؤولين كبار في الدولة للتحقيق في قضايا فساد، حيث تمت محاسبة الكبير قبل الصغير، في إشارة واضحة جدًّا إلى أنه لا أحد من المتورطين في الفساد سينجو من الحساب، كما شدد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حديث تلفزيوني له قبل نحو عام.

 

إن ما تمر به بلادنا حاليًّا أقرب إلى الحلم منه إلى الحقيقة، فلا يمكن لأكبر متفائل أن يتصور حدوث هذه التغييرات في فترة وجيزة، وإذا ما دعمنا جميعًا هذه التوجهات، فأعتقد أن وطني سيكون "بلاد الحالمين" بالخير والتقدم والرقي نحو العالم الأول قبل 2030.