مداخلة هادئة في أسلوبها، رصينة في لغتها، ذكية في انتقاء عباراتها، صحيح أن وقتها قصير، لكنها قالت لمن فازوا بمشاهدتها كلامًا طويلًا جدًّا، قالت إن معالي المستشار في الديوان الملكي تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة، رجل الدولة المؤتمن على أسرارها، الموثوق في ولائه وفي أدائه، هو قائد برتبة "مُخطِط"، ومُخطِط، بدرجة "مُنجِز"، لا يترك مهمة إلا بعد أن ينفذها كما خُطِط لها.
حين سأله المذيع: "ماذا ستفعلون للمنتخب السعودي في برنامج تأهيله لكأس العالم؟!"، قال له بعد أن ملأ رئيته بهواء الثقة: "المُعدّ للمنتخب الوطني، شيء لم يحدث من قبل"، وهو كلام مبهج يملأ القلب بالحياة، وبالنسبة لي حين يقوله تركي آل الشيخ فهو "الحقيقة"، وليس كلامًا تَذُرُّه الشفاه، وتذروه أعاصير التبريرات الواهية..
لماذا هو "الحقيقة"؟!، لأن الذي قاله قريب جدًّا من دوائر الحُكم، ويجلس على طاولة صناعة القرار السياسي، والأمني، والاقتصادي، ويفهم تمامًا كيف تُحرَّك القطع فوق رقعة الشطرنج، بما يضمن إنهاء المهمة بنجاح.
مبهج الكلام الذي قاله، لأننا ـ ونحن نسمعه ـ ندرك يقينًا أن الوزير تركي آل الشيخ كان يتكلم بلسان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، القائد، الرائد في تغيير المملكة العربية السعودية، عبر "رؤية" رآها العالم كله، وهي تولد في خلق سويٍّ، صحيح.. تكلم بلسان ولي العهد؛ لأنه رَجلهُ الموثوق به، ويده التي يدير بها دفة التحوّل..
وحين يتمتع وزير بهذه العلاقة الجليلة مع قادة البلاد، فإن ذلك يعني أنه سيساعد في حل جميع المشكلات التي تواجه الرياضة السعودية، وليس كرة القدم وحسب، وسيكون سببًا في إنجاز كل المشاريع العالقة أو المُعلقة، وتسريع وقت بدء الجامد منها في محاضر الاجتماعات الكثيرة المُغلقة.
توقيت تعيين الوزير القدير، الخبير في الرياضة ومجتمعها، له دلالاته السارّة أيضًا، فهو يأتي في أعقاب فرحة صامت عنها كرة القدم 12 عامًا، وقبل أشهر قليلة من مشاركات قارية وعالمية مهمة في جميع الرياضات، وفي وسط التحضير لواحد من أضخم المشاريع "خصخصة لأندية"، في زمن تصيح فيه أرصدتها من العجز عن سداد الديون، وشح المصروفات، وفقر الواردات.
تركي آل الشيخ الذي فتح خزائنه لأندية سعودية، دعمًا لها بما يجعل اسم المملكة جوَّالًا في القارة الآسيوية، ونشيدها الوطني يُتلى في الملاعب كلها، ما بعُد منها وما قَرُب، والذي جاء بـ"سكري القصيم" من مقاعد المحلية إلى مقاعد آسيا الفخمة، الفارهة، وصنع من التعاون فريقًا أنيقًا، زاده المُتعة، والفوز.. والذي زرع في أراضي الأغنية العربية حقولًا من الشعر المدهش، تتلذذ الروح بقضم فاكهته، ويمتلئ القلب بهجة بالاسترخاء تحت ظِلال أشجاره.. ومَدَّ عناقيد العنب لأفواه الكلمات، ثم عصر ما تساقط منها شرابًا سائغًا.. والذي بلل الذائقة بثجّاج قصائده، وأضاء بسراجها الوهاج أرواح العالقين في ظلام اللحظات المزعجة.. ينتظره عمل كبير، لكن "الكبيرة ما لها غير الكبار"، ومِن على لسانه "وهو الشاعر الذي رُفعت "ستارة المسرح" عنه واقفًا في كامل بهائه، وأُبَّهته"
أقطف هذا البيت، وأعيد تقديمه له على طاولة الأيام التي سيقضيها وزيرًا للرياضة والرياضيين:
"هذي السعودية ترى عزم وظفر..
لا ضاقت أرض وزلزلت زلزالها
هذي بلاد العز وبلاد الفخر..
ومجوّدين أمورها.. عقالها".