|


أحمد الفهيد
سعادة الرئيس.. أدخل يدك في "جيبك"!
2017-09-19

 

 

 

‏شكرًا معالي الوزير، كان قرارًا شجاعًا احتاج إلى مسؤول جريء مثلك ليوقع بالموافقة على صدوره.. هذا الانتقال "العادل" من المماطلة، والاختباء، والتبريرات المزعجة، إلى تفتيش أوراق الحقيقة، ووضع بصمات "الجريمة" على الأصابع الصحيحة، ومجابهة المتورطين بالأدلة، سيحمي الأندية السعودية من "المتكسبين" بالعمل فيها، ومن المحتالين الذين يجري الكذب في عروقهم مجرى الدم.

 

واختار عمدًا استخدام كلمة "الجريمة" للتعبير بدقة عن الحالة التي آلت إليها الأمور في واحدٍ من أعرق، وأكبر، وأعظم الأندية السعودية، "العميد" الذي قبَّل كأس آسيا مرتين، ونزّ العرقُ من جباه لاعبيه، وفاح بخور "الرغبة الشديدة في الفوز" من صدورهم، في مناسبتين عالميتين.

 

جاء القرار "إحالة ملف التجاوزات والمخالفات في ميزانية نادي الاتحاد إلى هيئة الرقابة والتحقيق"، لينقذ رقبة "المونديالي" من "مشانق الديون" المُعلقة على أبوابه، وليطرد الحزن من قلوب جماهيره التي كلما خنقوا ‫فريقها لتتعطل رئتيه ويتوقف قلبه، و"يموت".. دقت، وملأت صدرها بالهواء النقي، ثم صاحت: يعيش "العميد" .. يعيش، يعيش.‬

 

نعم، منذ 8 أعوام، ورؤساء الاتحاد، وآل بيته يخنق بعضهم بعضاً، بقصص النعيم المُبتكرة، وبالوعود الزائفة، وبالدسائس الصريحة، لكن الذي يعجز عن التنفس هو "الاتحاد"، الاتحاد وحده!

 

منذ 8 أعوام والعميد "البطل".. بدلاً من أن يسعون لـ"أجْله"، يسعون في "أجَلِه"، حتى غرق في بحر لُجِّيٍّ من الديون، تُنزع منه الروح نزعاً بطيئًا، في انتظار يدٍ تمتد لتقتلعه من ظلمات القاع، إلى نور اليابسة، فكان هذا القرار.

 

وليس اتحاد جدة الذي سينجو فقط بهذا الإجراء الحازم، الحاسم، وإنما سيصبح تبديد المال العام "مال الأندية" جريمةً، مصير مرتكبيها الملاحقة والمساءلة، والعقوبة.. لن يصبح هيَّنًا - كما كان - النزول من كرسي الرئاسة.. على الرئيس قبل ذلك أن يمحو آثار الشك من على دفاتره، وأن يسدد كل فواتيره، وأن "يدخل يده في جيبه فتخرج بيضاء"!

 

شكرًا تركي آل الشيخ، كان قرارًا صعبًا جدًا، لكنك قلت له كُن سهلًا، وأذهب إلى حيز التنفيذ.. فكان سهلًا عليك، وسيكون صعبًا عليهم "رؤساء الأندية" ليس كلهم طبعًا، وإنما المكابرون، المتكبرون منهم، الذين مضغوا قلوب المشجعين حتى يبُسَت، في انتظار أن يأتي الموعد، وأن يتأتى الوعد، وإذ بها سلسلة طويلة من الديون لا يُعلم لها بداية ولا نهاية، وإذ به منعٌ من التسجيل، وخصم نقاط، وكاد أن يصبح هبوطًا مفجعًا.

 

قائمة "المديونين" طويلة، وقائمة "المدانين" أطول.. ولم يشرح لنا أحد، كيف يمكن أن تنجح "الخصخصة"، بينما الأندية الجماهيرية تترنح مالياً، وبينها وبين إعلان إفلاسها قضية أو قضيتان.. لم يشرح لنا أحد ذلك، حتى جاء معالي المستشار، وأصدر القرار.. فشكرًا له.