|


فهد علي
قضية "قضية قيادة المرأة"
2017-09-28

 

 

 

أبارك للمرأة السعودية السماح بقيادتها للسيارة، وأبارك لأنفسنا أمل انقشاع عن المشهد تزلّف بعض الفتيات المدّعيات دفاعاً لحقوقهن. أرجو ألا تخبروا من ينعتن أنفسن بـ"الحقوقيات" أن هذا القرار أتى بعد دراسة وتفهّم لتغير المجتمع، دعوهن يظنون القرار آتٍ من ضغطهن كمناضلات، فمن الجميل والإنساني أن يستشعر المخلوق أنه "قوي" أحياناً. 

 

الدولة لم تضعف أو توهن أو تستجيب أمام مطالبات رجال ومنظمات عتاة، عطفاً على أن تستجيب لـ "شوية بنات"، كذلك الدولة ككيان لا تحمل جينات ذكورية يمكن للأنثى التلاعب بها، والذي أعنيه صراحةً ودون سخرية، هو تجيير قرار السماح بقيادة المرأة للدولة نفسها فقط. 

 

يظن المرء واهماً أنه يدافع عن قضية ما من أجل القضية، بينما هو يدافع عن وجوده من خلالها، وليس عدلاً أو تميزاً في استحواذ فتاة أو شاب على فضاء نقاش المجتمع؛ من أجل إيمانه بقضية معينة، متمنياً أن تغيب جعجعتهم وأطروحاتهم المكررة عن الساحات الاجتماعية، ولا أظنهم سوف يفعلون لأن القضايا بتصوراتهم هي مجرّد حُقن تشفي هوسهم برغبة التواجد.

 

إن قضية "قضية قيادة المرأة" كان حل إنهائها صادماً، كلمة الفصل الآتية من القيادة أصابت المواطن السعودي بحيرة ذهنية؛ لأننا رجّحنا ظن بقاء هذا "النقاش الجدلي" سرمدياً لا يحمل نهاية، بينما رغم شجاعته ومفاجأته ـ أي القرار ـ يكشف لنا سذاجة إيماننا بالأشياء التي نرفضها دون سبب ديني أو حجّة واضحة، أي في حال سؤالك الآن عن رأي طفل حول هذا الموضوع لن يقبل قيادتها لأنها من المسلمات، بينما بعد قدوم طفل آخر هذا العام وبعد عشرة أعوام تسأله عن منعها سوف يرفض فكرة المنع الذي لن يحمل وجه حق. 

 

فترك القضية للزمن أورث مفاهيم خاطئة بذهنية بعض المحافظين، وكأن قيادتها والعياذ بالله أمر يجابه "العفّة"، لكنه لا يجابه سوى "حاجة" المرأة، التي هي كإنسان واعٍ قبل إمكانيتها قيادة السيارة هي من تقود الرجال بأكملهم في حياتهم لمرافئ حياة هانئة أو حياة تعيسة.