كلما تعرضت منظومة لهزّة أو أزمة، يبدأ البحث عن "كبش فداء" يقدمه أصحاب القرار قرباناً للمتابعين لشأن المنظومة أياً كان مجال عملها، والقطاع الرياضي ليس استثناءً من هذا السلوك الإداري، الذي يلجأ إليه صانع القرار للخروج من الأزمة، فينجح مراراً ويفشل في مرات أخرى، ولعل المتابع لكرة القدم يتفق معي بأن المدرب هو "كبش الفداء" أو "الحلقة الأضعف".
قبل ثلاثة مواسم حقق "مورينهو" مع "تشلسي" بطولة الدوري الخامسة في تاريخ النادي والثالثة مع المدرب العبقري الذي سموه "The Special One"، وهو يستحق ذلك اللقب وأكثر بعد أن حقق أكثر من نصف بطولات النادي، ولكن في ذاك الموسم تردت نتائج الفريق لعدة أسباب، فقرر الرئيس "إبراموفيتش" التضحية بصانع أمجاد النادي، لأنه باختصار "الحلقة الأضعف".
وفي الموسم الماضي، تعاقد أكثر الأندية احترافية "بايرن ميونيخ" بشكل مبكر جداً مع الإيطالي "أنشيلوتي" خلفاً للإسباني "جوارديولا"، وتوقع كثيرون أن يبدأ رحلة طويلة مع النادي الألماني، إلا أن تردي النتائج أدى لإطاحة النادي الكبير بالمدرب الكبير، في تأكيد لثقافة البحث عن الحل الأسهل الذي اعتدنا أن يكون ضحيته في الغالب هو "الحلقة الأضعف".
بدأت بمثالين أوروبيين، قبل أن أعرج بالحديث على أنديتنا المحلية التي لا تملك الاحترافية ولا الصبر، فتبالغ في إقالة المدربين بشكل تسبب في إرهاق الميزانيات وتشويه صورة كرة القدم السعودية، لدرجة جعلت الأسماء التدريبية الكبيرة تتردد في قبول الموافقة على تدريب الأندية والمنتخبات السعودية، فقد صدمنا الإعلامي المتألق "مهند المحرج" من خلال تقرير مميز في صحيفة "الشرق الأوسط"، بمعلومة تقول إن 243 مدرباً تعاقبوا على تدريب أندية الدوري السعودي الممتاز منذ عام 2009، وبقسمة عدد المدربين على عدد المواسم على عدد الأندية، يتضح أن المعدل أكثر من مدربين في الموسم للنادي الواحد، وتلك أرقام مفزعة تؤكد عشوائية القرار في الاختيار والإقالة بما يؤكد أن المدرب هو "الحلقة الأضعف".
تغريدة tweet:
ولأننا في عهد الحزم والعزم، نشهد تغيراً واضحاً في نوعية القرار الرياضي الحازم في قوته والعازم على إحداث التغيير الذي طال انتظاره، فإنني أتمنى دراسة ظاهرة تغيير المدربين التي كلفت الرياضة السعودية الكثير من المال، وتسببت عشوائيتها في تأخير الكرة السعودية وتنازلها عن عرشها الآسيوي، وربما أقترح عدم السماح للنادي بالتعاقد مع أكثر من مدرب أجنبي في الموسم الواحد، بمعنى أن النادي الذي يقرر إقالة مدربه يلزم بالتعاقد مع مدرب وطني، كما أتمنى عدم السماح للمدرب المقال بالعودة قبل موسمين، وعلى منصات الحزم والعزم نلتقي.