|




بدر السعيد
ضوء أزرق في نهاية النفق..!
2017-10-08

كنت أحد ضيوف البرنامج الرياضي الشهير "أكشن يا دوري"، في تلك الحلقة التي تم خلالها استعراض التقرير الخاص بالجمعية العمومية، التي عقدها نادي الهلال استجابة لتوجيهات رئيس الهيئة العامة للرياضة لجميع الأندية السعودية بعقد جمعياتها العمومية، والرفع بنتائجها إليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ التوجيه.

 

ولا يختلف اثنان في أن دوافع تلك التوجيهات كانت رغبة الهيئة العامة للرياضة في الوقوف على الحالة المالية للأندية بوضوح وشفافية أكثر.. في الوقت الذي يتسارع فيه ظهور المطالبات المالية المعلقة على "بعض" الأندية، والتي جاءت بمثابة أجراس إنذار خطر لمصير ونهاية مؤسفة باتت حتمية ما لم يتم تداركها! 

 

أعود إلى ذلك التقرير التلفزيوني الذي لفت انتباهي وأعاد لي الثقة في المشهد الرياضي.. التقرير الذي لم يكن للإعداد أو المونتاج أو الإخراج أي يد في إظهاره بتلك الاحترافية، بقدر ما كان محتواه الإيجابي كافيًا لرفع القبعات احتراماً لما قدمه ويقدمه رجال الهلال تجاه ناديهم.

 

ظهرت نتائج الجمعية العمومية لنادي الهلال، فلم نرَ ذلك الانقسام المعتاد في الإعلام الرياضي أو الجماهيري.. كانت النتائج مشرفة والأرقام محفزة واللغة ملهمة لدرجة وقف معها الجميع تأييدًا، بينما اكتفى القلة بالصمت أمامها.. وهذا هو حال النجاحات التي يعجز المشككون على إيجاد مفردة تشوه الجمال.

 

والمتابع للعمل الإداري والمالي والفني في الرياضة، وكل من لديه خبرة في هذا المجال يدرك ـ وإن لم يعلن ذلك ـ أنه لا يمكن لأي كيان رياضي أن يصل إلى ما وصل إليه نادي الهلال، لمجرد أن لديه أدوات فنية متفوقة فقط، أو أن هناك دعمًا سخيًّا من أعضاء شرفه فحسب، أو أنه سيكتفي بتلك الشعبية الجارفة في الوطن وخارجه.. أبداً.. فتلك الأمور حتى إن توفرت فإنها قد تجعلك بطلاً لموسم أو أكثر.. لكنها لن تضعك في القمة دائماً، كما هو الحاصل مع الهلال الكيان.

 

في ذلك النادي، ليس للـ"أنا" مكان بين كل من قادوه.. في ذلك النادي يغادر رئيس فيدعم من بعده.. يأتي رئيس جديد فيشكر سابقيه ويستشيرهم.. يغادر نجوم وأساطير فيحتفظون لهم بالكثير من الود ويستعدون لدعم نجوم آخرين.. لا ينتقصون السابق ولا يهمشون اللاحق.

 

في ذلك النادي، يعكف صناع القرار على كيفية صنع أمجادهم فلا ينشغلون بغيرهم! في ذلك النادي تنكسر كل التحزبات والشللية والانقسامات أمام صخرة الكيان.

 

إذن هو المنهج والمبادئ التي ترسخت في أحجاز الزاوية لذلك البنيان.. هي الثقافة التي توارثوها جيلاً بعد جيل.. فهنيئاً للوطن قبل عشاق الهلال بهذا الكيان الرياضي الكبير!

 

أراجع ذلك التقرير فاتطلع أن يكون مصدراً لإلهام البقية على السير في ذات الطريق، واتباع ذات المنهج، بل التفوق عليه.. أراجع المشهد فترتسم أمامي صورة ذلك النفق المظلم لأنديتنا "ماليا"، وقد ظهر في نهايته ضوء أزرق بدد شيئاً من ظلمته.. وفتح الطريق للبقية لإشعال قناديلهم والسير بسلام.. فهل يفعلونها؟ أتمنى ذلك. 

 

ختاماً.. فإن ما قلته بحق ذلك الكيان هو أقل وصف وإنصاف لنموذج رياضي نفخر به.. فإن اعتبرتموه تطبيلاً فلا بأس، فقد وصلنا إلى مرحلة بتنا نسمع ونرى ونقرأ فيها أن الإنصاف ومدح المستحق يسمى "تطبيلا"!

 

دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن.