|


-
قبيلة الفرنجة!
-
2017-10-15

 

 

بدأت الحملة ضد استضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022 تتصاعد، وهي غالبًا مقدمات لإعلان سحب التنظيم رسميًّا، بعد انتهاء مونديال روسيا الصيف المقبل، وإسناده إلى الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وفق ملف مشترك، ولعل تحرك المدعي العام السويسري ضد ناصر الخليفي "ذراع قطر" الرياضي، وإعلان المدعي العام الفرنسي عدم تعاون قنوات "بي إن سبورت" مع التحقيقات، أدلة على التصعيد لكشف الفساد في ملف قطر 2022.

 

الصحف الفرنسية أيضًا بدأت تظهر عدم ارتياحها للضيوف القادمين من قطر، وتساءلت كثيرًا عن هؤلاء الغرباء الذين استحوذوا على جزء من شركة "توتال" عملاق النفط في العالم، وتحصلوا على إعفاءات ضريبية مريبة؛ لتسهيل إدخال المال إلى أوروبا، وشراء كل شيء قابل للبيع، بما في هذا الذمم والضمائر.. ويبدو أن الفرنسيين أصبحوا لا يطيقون أنفسهم من كثرة أخبار الفساد التي باتت تلاحق الرؤساء السابقين وكبار المسؤولين في الجمهورية الخامسة!.

 

وأخذت قطر منذ البداية تقيس تعاملها مع فرنسا على هامش الفساد المتاح، لكنها اكتشفت أن هذا الهامش يتمدد حسب الطلب، في دولة عظمى تحتل المرتبة 25 عالميًّا، في تصنيف الشفافية ومكافحة الفساد، وتتخلف بمراتب عن هونج كونج وسنغافورة وتشيلي وأوروجواي!.. فرنسا الفاسدة بدأت بدورها تنزعج من طلبات قطر "المحرجة"، وازدياد رغبة الدولة الخليجية في ممارسة الفساد علنًا، دون الاهتمام بسمعة الطرف الثاني، خاصة أن انضمام قطر إلى المنظمة الفرانكفونية دون المرور بالإجراءات المتبعة، أثار جدلاً في الأوساط الفرنسية التي اعتبرت هذا الأمر تلطيخًا لسمعة المنظمة!. علمًا أن الملف الذي قدمته الدوحة يتضمن إدراج اللغة الفرنسية في مناهج مدرستين خاصتين، وتغيير اسميهما إلى مدرستي بونابرت وفولتير، فضلاً عن وجود خمسة آلاف قطري ـ بحسب الملف ـ يتحدثون الفرنسية بطلاقة!، وربما تضمن الملف وجود عشيرة قطرية تنتمي إلى قبائل "الفرنجة"!.

 

الوطنيون في فرنسا حذروا طويلاً من هذه العلاقة، بل طالبوا بوقف التعاون تمامًا مع حكومة قطر، قبل أن تكشف الكثير من الكتب تفاصيل مهمة عن العلاقة المشبوهة، ومنها كتاب بعنوان "فرنسا تحت النفوذ"، الذي حرك المياه الراكدة باتهام الرئيس السابق نيكولا ساركوزي ببيع فرنسا لقطر، فضلاً عن كشف تفاصيل زيارات المسؤولين الفرنسيين وعائلاتهم المتكررة إلى الدوحة بمناسبة ودون مناسبة!.

 

ولأن مجرد التعامل مع الحكومة القطرية أصبح مستفزًَّا، بات الادعاء الفرنسي ومعه المحاكم الوطنية، يواجهون ضغطًا شعبيًّا للتعامل بجدية مع بلاغات وتهم الفساد ضد النشاط القطري المشبوه؛ ما قاد المدعي العام الفرنسي إلى السماح بمداهمات ونشر بيان يؤكد فيه أن قناة "بي إن سبورت" لم تتعاون في تحقيقات تتعلق بفساد رئيسها الخليفي، وهذا في حد ذاته يضعف الموقف القطري.

 

هذه المرة تحديدًا، لن تنجو ذراع قطر الرياضية من قضية حقوق النقل التليفزيوني، بعدما فتح الادعاء السويسري تحقيقًا؛ ما يعني غالبًا دخول وزارة العدل الأمريكية أيضًا لمطاردته، من خلال قانون مكافحة ممارسات الفساد الأجنبية " FCPA"، الذي تم اعتقال مسؤولين في الاتحادات الدولية والقارية بموجبه، علمًا أن تحريك هذا القانون الصادر عام 1977 ضد شبهة فساد خارجي، يتطلب وجود بلاغ من أشخاص أو كيانات.

 

خلاصة القول أننا أمام تحالف عالمي ضد الفساد سيسقط كثيرًا من الفاسدين، وربما أفلتت قطر من التحقيق الذي تم قبل أربع سنوات بشأن ملف مونديال 2022، غير أن العداء المستمر للقريب والبعيد كفيل بظهور أدلة جديدة تستدعي إعادة التحقيقات؛ تمهيدًا لسحب تنظيم المونديال ومعاقبة الفاسدين!.