حين يكون لديّ موضوع فإنني أتحدث من المكتبة، وحين لا أجد موضوعاً فإنني أتحدث عنها!.
ـ تمنحك المكتبة رؤية واسعة ومنفتحة، متسامحة وتقبل الاختلاف، لا ترى في هذا الأخير خطراً ولا وِزْراً ولا مَعَابَة:
ـ يمكن لمجموعة كتب متقاطعة الأفكار، متعارضة الرؤى، متناقضة التطلّعات، أن تستقر على رَفٍّ واحدٍ، وأن تعيش جنباً إلى جنبٍ، بسلام!.
ـ في المكتبة، ومهما غلبَ فكرٌ فكراً، فإنه لا يُلغيه غاضباً، ولا ينحّيه جانباً!.
ـ كل تنوّعٍ سلام، وكلّ سلامٍ خصوبة، وكل خصوبةٍ ثَرَاء!.
ـ وفيما لو سقطَ رَفّ الخشب، لثقل ما حَمَل من الكتب، فإنه ما مِنْ كتاب يمكنه اتّهام كتاب آخَر بأنه السبب في هذه الزعزعة!،.
ـ لن تجد كتاباً يصرخ بأنّ هذا الهَدَد إنما جاء عقوبةً لاحتواء الرفّ على كتابٍ مُلتبِس الرؤى فاسد المُعتقَد!.
ـ المكتبة تعلّمك التواضع أيضاً، تكشف لك روائع النقص، ولذّة الاعتراف به، والبدء منه كلّ مرّة!.
ـ ما إنْ تنظر إلى رفوف مكتبتك حتى يسكنك يقين بالافتقار إلى معلومات ومناهج بحث وأساليب لغة ونباهات فكر، موجودة في كتب أخرى، ليست لديك، كتب لم تصافحها ولم تتصفّحها بعد!.
ـ تقول لك المكتبة: أنتَ مكتمل بنقصك، غَنيٌّ بافتقارك، كنْ دائماً سخيّ الاحتياج!.
ـ تقول لك المكتبة: الموتى تركوا أفكارهم فهُمْ في بقاء، والأحياء تركوا رسائلهم فهُمْ في فناء!،.
ـ وأنك أنتَ أول الزمان وآخره وأنت البَيْن بَيْن!.
ـ أتذكّر، في عزاء أستاذي سليمان الفليّح ـ رحمه الله ـ، فاتتني صلاة المغرب جماعةً، فصلّيتها في مكتبته، قمت بعد الصلاة أدُور في المكتبة، أقرأ العناوين، تذكّرتُ من خلالها أكثر من عشرين حكاية، قالها لي أو جَرَتْ بيني وبينه، دوّخني بخور الذكريات، قلت أو.. كدت قبل خروجي للمجلس أن أقول له: أبو سامي، أنا ذاهب لمجلس عزاء، فهل تأتي معي؟!.