|


-
الفساد وحيدا!
-
2017-10-22

 

 

مع اقتراب نهائيات كأس العالم المقبلة، يعود الجدل بشأن حقوق البث التليفزيوني، ويبدأ العرب من الخليج إلى المحيط في البحث عن وسيلة لمشاهدة المباريات، بعيدًا عن التشفير والاحتكار اللذين أخفيا كرة القدم عن ملايين الفقراء في 23 بلدًا، وبطريقة تفوح منها رائحة التجاوزات.

 

هذا الجدل بدأ مع حصول "ART" على حقوق البث "الحصرية" لمباريات كأس العالم منذ 2002، ثم تطور الأمر إلى سيطرة تامة على حقوق الـ"فيفا" حتى نهاية العام 2014، وسط فشل القنوات المنافسة في الحصول حتى على اللقطات الإخبارية التي تكفلها سياسة الاتحاد الدولي لكرة القدم في نشر اللعبة، ويبدو أن "ART" كانت جاهزة للتعاون بالطريقة التي يريدها "فيفا"، خاصة بعد حصولها على حقوق بطولتي كأس العالم 2010 و 2014.

 

في العام 2009 دخلت الحكومة القطرية على الخط، وعرضت نحو ثمانية مليارات ريال من خلال "الجزيرة" لشراء مجموعة ART، وعلى الفور تمت الصفقة، خاصة أن قيمة أصول هذه المجموعة وعقود موظفيها والحقوق التي تملكها لا تصل إلى ربع هذا المبلغ، غير أن هناك تسهيلات لا تقدر بثمن تحصل عليها ART في الدول العربية، فضلاً عن تعاون الجهات الرسمية في كثير من البلدان مع المجموعة، مراعاة لعلاقتها بالسوق السعودي.

 

كان هدف "الجزيرة" الاستفادة من الأرض التي تقف عليها "ART"، وهذا ما تم منذ اليوم الأول، حتى أصبحت القناة القطرية التي تهاجم الحكومات والشعوب العربية، تمتلك وكلاء رسميين، ومتاجر مرخصة، من البحرين إلى الدار البيضاء، تحت غطاء عقوبات "الـ"فيفا" التي لا وجود لها إلا بفعل الجهل بالأنظمة والقوانين.

 

وبعد فوز قطر بتنظيم كأس العالم بنحو شهر، أعلن "فيفا" منح "الجزيرة" حقوق البث لبطولاته حتى انتهاء العام 2022، دون فتح مزاد وقبل الإعلان الرسمي عن استقبال الطلبات بنحو 11 شهرًا، مؤكدًا في بيان على موقعه الإلكتروني، أنه قام بتمديد العقد للقناة القطرية لمدة 12 عامًا، وفي هذا الإجراء ضرر مباشر على الاتحاد الدولي يحرمه من البحث عن عائدات مالية أكبر!.

 

"الجزيرة" التي تحولت لاحقًا إلى "BEIN"، واجهت مطالبات قانونية لاعتبار أن اتحاد إذاعات الدول العربية هو الجهة المخولة بالتفاوض؛ للحصول على الحقوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولتفادي هذه الثغرة، أضاف الـ"فيفا" إيران إلى منطقة "MENA"، علمًا أن هذه الدولة لم ترخص القناة القطرية حتى الآن، ولا تعترف بنشاطها داخل أراضيها؛ ما جعل التليفزيون الإيراني يحصل على حقوق بث مونديال 2014 من "فيفا" مباشرة، مقابل 15 مليون دولار!.

 

علاقة قطر وقنواتها مع "فيفا" تطورت إلى تجديد عقد "BEIN" مجدداً للحصول على حقوق البث في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حتى مونديال 2030، ودون إعلان مزاد، وهذه الجريمة التي سيمثل ناصر الخليفي بموجبها للدفاع عن نفسه أمام الادعاء السويسري، ويبدو موقف الخليفي ومنظومته هذه المرة أكثر صعوبة؛ بسبب اعترافات جيروم فالكي، وإدانته بإتلاف وثائق مهمة.

 

القناة القطرية باتت على مرمى الادعاء السويسري، ووزارة العدل الأمريكية، خاصة أنها الوحيدة في العالم التي تحتكر البث بمختلف أشكاله، ليس في دولة واحدة، بل في 23 بلدًا، وفي هذا شبهة قانونية تبرهنها قائمة أصحاب الحقوق التليفزيونية التي تظهر حصول ما يصل إلى خمس قنوات في كثير من بلدان العالم على حقوق البث!.. ويظهر الفساد بشكل أكبر عندما تباع الحقوق لقناة تليفزيونية بصفتها وكيل توزيع، تمهيدًا لحجب الحقوق عن المنافسين من الوكيل نفسه!.

 

النائب العام المصري حرّك المياه الراكدة الأسبوع الماضي، حين فتح تحقيقًا في مسألة الحقوق التليفزيونية، والكيفية التي توجد فيها قناة "BEIN" في السوق المصري، وهذه بادرة تجعلنا نطالب بفتح تحقيق مماثل في السعودية، خاصة أن موقع القناة القطرية يظهر وجود متاجر رسمية، ووكلاء وموزعين، دون معرفة بطبيعة هذا الوجود والتراخيص الممنوحة والجهات المانحة!.