|


فهد عافت
‏يدورون في فلك هذا الشاعر!
2017-10-22

 

 

 

 

 

كل شاعر فخم، مِدْرار، يُعاني من مغناطيسيّته الجاذبة!، يا لها من جَلّابَة متاعب!، ذلك لأنّ نفوذها يبدأ عمله حتى قبل تمام التجربة وبَيَان استقلاليتها وفرادتها!.

 

ـ ما إنْ يفلح شاعر في حرث، حتى يتم تقليده، وتتبّع خطاه، ولأنّ أقسى ما "لا" يحتمل الشعراء من صفات، هو أنْ يكونوا مجموعة من المقلّدين والأتباع، خاصةً لمن هو في عمرهم وضمن جيلهم، أنْ يكونوا كذلك وأنْ يُوصفوا بذلك!، فإنهم يكرهونه، الأصح: يحبّونه بطريقة عكسيّة!.

 

ـ يُخرِّب موهبتهم، يجتثّها، فلا تعود صالحة إلا كنباتات صناعيّة للزينة!، يهدّ حَيْلهم وحِيَلَهم!، ينتهك موهبتهم!، فهم يمتلكونها لكنها تنجذب نحوَهُ، ونحو نَحْوِهِ!.

 

ـ يعشقون بطريقته!، يشربون قهوتهم بأسلوبه!، يبتسمون حسب جغرافيا فمه!، يحرصون على عدّ حبّات عرق جبينه ليعرقوا بمقدارها!، وبناياتِهِ يموّلون أحزانهم وحسرات القلوب!.

 

ـ يجدون حججاً، ليس فيها ما يرقى ليصير دليلاً!، تحلّ الأقنعة محلّ الإقناع!، يقولون في أنفسهم، ولمن يكاشفهم، أنّ الكلمات موجودة منذ الأزَلْ، هي في القاموس وعلى الألسنة، فهي حق مَشاع للجميع، وكذلك بحور الشعر وأوزانه!.

 

ـ البحور؟!، يظنّون، أو يظنّون أنهم يظنّون، أن المشكلة كلها في طريقة السباحة!، طريقة الغوص!، أنّ الصدفة وحدها جعلت منه سابقاً!، ولأنهم من جيل واحد، فإنّهم و"غدْر" الإمكان، يخربشون على الروزنامة، فلا يبقى عليهم له سَبْق ولا فضل!.

 

ـ يقول في نفسه: الكلمات موجودة من آلاف السنين نعم، والبحور والأوزان نعم، لكن الأسلوب لا، لم يكن وما كان له أنْ يكون لولا خربشاتي وتجريبي وعملي!، صغته من روح روحي، فلم أعد أعرف أيّنا جسد الآخر وأيّنا ظلّه!، لو كان الأمر كما يزعمون: لماذا لم تترتّب الكلمات قبل مجيئي بالإيقاع ذاته وبالأثر ذاته؟!.

 

ـ على الرغم من كل ذلك هو لا يكرههم، ربما يحتقر دسائسهم قليلاً، لكنه إذْ يكره، فبأثر من الصحافة، ومن المتذوّق، وليس بأثَرٍ مباشر منهم!، هم بالكاد يستحقون شفقة أو رثاء!.

 

ـ رؤوس كثيرة تتحسس الآن "البطحات" التي عليها!، ليس من بين هذه الرؤوس رأس جاسم الصحيّح، فهو المِدْرار، وهو المدار!.

 

ـ قد يُنكر جاسم الصحيّح كل ما قلت، فهو لطيف المعشر وشديد المسالمة، لا يهمّني هذا، أريد أنْ أهمس له: يا مبدع، يا فنان، يا أصيل، نحن نعرف، ونميّز، وقد نمدح من هم في ظلّك أكثر حتى من مدحنا لك، نجاملهم قليلاً، ونظنك في غِنى عن كلماتنا!، أدري أنّ ظننا خاطئ، ولهذا كانت هذه المقالة: أنتَ فارِق، وقرّاء الشعر أهل تمييز لا تفوته فائتة!.