|


فهد عافت
مسألة "تغشيش" تأخرت 30 سنة وأكثر!
2017-10-31

 

 

 

ـ كلما قلت ثانوية ابن طفيل في الجهراء، في الكويت، كتب لي أحدهم: متوسطة وليست ثانوية!. أدري من قبل متوسطة ومن بعد متوسطة، لكنها في فترة بسيطة بينهما كانت ثانوية، وفيها درست وأصحابي سنوات الثانوية كاملة، سنوات لا تُنسى، وصحبة رائعة، امتدت إلى هذه اللحظة.

 

ـ تفرقنا، واجتمعنا في قروب واتساب!، نقصنا طالبين، كان ناصر عشوي الأول علينا في كل شيء، حتى في مفارقة الدنيا، وكان فهد نايف أكثرنا مرحاً، وسخرية من الحياة، فتركها أيضاً، ذلك لأنه والحياة لم يكونا على توافق تام من الأساس!، والدليل أن اسمه الحقيقي لم يكن فهد، كان اسمه "كامل"، لكنها ظروف الأوراق الرسمية! ـ رحمهما الله.

 

ـ من الأردن، يرسل لنا ضرار حسين صورنا، وكل صبح نرسل التصبيحات بالخير صوتية ومكتوبة، وأحياناً نرسل صور أولادنا، ضرار الذي لم يكن يعرف الجَدَّ، صار جدّاً، يرسل صور حفيدته!.

 

ـ أغلب المجموعة عاشوا حياة سعيدة، ناجحة، والحمد لله، ويمارسون حياتهم بمرح، فقط الذين لم يرزقهم الله أوراقاً ثبوتيّة بعد، وظلوا على المسمى البغيض "بدون" يتحسبنون، ومعهم نتحسبن!. لا شيء أكثر قسوةً وظلماً، وإجحافاً، من هذا الأمر!.

 

ـ طرائفنا كثيرة، منها أننا ما زلنا نحفظ قانوناً فيزيائياً، ذلك لأن محمد ضميان صاغه في وزن ولحن: "قاف يساوي كي شك شك على فا تربيع"!، كان كل شيء يمكنه الدخول في أغنية!.

 

ـ غازي عنيزان الرشيدي، أحد أقرب أصدقائي، وهو الآن دكتور شهير في جامعة الكويت، وسمعته مرموقة، اعترف لي، آسفاً، بأنه تعمد عدم "تغشيشي" بعض إجابات اختبار الفيزياء!، وأنه طلب من المراقب سرّاً أن ينتبه لحركتنا المشاغبة، وأن يقوم بعدها بنقله إلى مكان آخر بعيداً عنّي!. قال متحسراً: لم أنس نظرتك للمشهد يومها، وأنا حزين لأنك كنت تنظر لي على أنني البطل الذي خذلته الظروف في المساعدة!.

 

ـ قلت لصديقي: كل أمر الله خير، وما أدراك، ربما لو "غششتني" لدخلت الجامعة، ولم أقرر العودة للسعودية، وظللت محشوراً في خانة "البدون"، كل حركة أعادتني إلى السعودية هي نعمة من الله وفضل كبير، المملكة العربية السعودية هي العز حين يأتي الحديث عن العز.. والحمد لله.

 

ـ بالرغم من كل هذا، قررت الأخذ بثأري من صديقي الدكتور الجليل غازي عنيزان، استدرجته فسجّل كلاماً رائعا، وها أنا "أغشه" رغماً عنه، وأكتبه الآن، وأدّعيه لنفسي:

 

ـ نظامنا التعليمي، طريقة تلقيننا، كلها تركّز على مستويات التفكير الدُّنيا!، والتي ذكرها "بلوم" وهي مستويات المعرفة والحفظ والتّذكّر، صرنا نجترّ أمورنا عن طريق الذاكرة، والذاكرة لم تكن يوماً عقلاً!، ولن تفكّر!، الذاكرة هي فقط مستودَع!.

 

ـ لا تُعلِّم الطفل المعلومة، لا تُعطه المعلومة، علِّمه كيف يتعلّم!.