ـ حسناً فعلتُ، إذ جعلت من كتاب "المؤتمر الأدبي" رفيق سفر.
ـ أن تسافر بصحبة كتاب، يعني أنْ تسافر مرّتين على الأقل!، لكنني وفي صحبة هذه الرواية القصيرة الرائعة، لا أدري كم عدد الرحلات التي قمت بها، فرواية "المؤتمر الأدبي" حكايات سفر، سفر حقيقي يشبه رحلتي إلى حفر الباطن، وسفر خيالي يشبه رحلتي في الرواية، بدت المسألة لي وكأنها لعبة الصناديق: تفتح صندوقاً فتكتشف صندوقاً أصغر وهكذا إلى ما لا نهاية!.
ـ من الإمارات إلى السعودية، وفي نفس الوقت من الأرجنتين إلى فنزويلا!، أنا برفقة عائلتي وكتاب، وسيزار آيرا برفقة ذكريات عشق و"حشَرَة" مُستنسَخة!،..
ـ عالم عجائبي: أقف أنا وسيزار في منتصفه، كلّ منّا يقدّم للآخر رفاق رحلته، ثم ننفصل عن الآخرين لنحكي لبعضنا عنهم.. وعنّا!.
ـ هذه الكتابة مخبولة فعلاً، لأن رفيق رحلتي، سيزار مخبول فعلاً، وبالرغم من أنه أديب رائع، سلس العبارة، إلا أنه يخفي وراء قناع الأديب وجهاً آخر: عالِم كيمياء في أحياء!، يريد السيطرة على العالَم!،..
ـ هل توهّمتُ أم كان ذلك أصدق من وهم وأقل من حقيقة، في مطار القيصومة، وصلت بي الرواية إلى درجة غريبة، "راحت الأضواء والأخيلة تطفو فوق بعضها على طبقات"، عرض سيزار مسرحيته في مطار آخر، كان يوم سبت، وهو أيضاً يوم وصولي لمطار القيصومة!، صحيح أنه عرض مسرحيته قبل الغروب ولكنني استمتعت بعرضها صباحاً: صبّتها مخيّلتي في المطار!..
ـ هل أصابني بِمَسّ؟، نعم دون شك، لكنه وربما حفاظاً على صداقتنا الجديدة والعابرة، حاول تفسير الأمر: "الحركة في الجغرافيا تعادل حركة الفكر في الدماغ، فلنقل أنها المعادِل الموضوعي لفرط النشاط العقلي"!، لم أستوعب المعنى تماماً، أحسسته فقط، وكان ذلك كافياً!.
ـ كانت مسرحيته التي هي جزء صغير من روايته التي هي قصيرة كرحلة سفر داخلية، وخذ "داخليّة" هذه على أي معنى تمشي معك!، عن آدم وحواء، وكانت فانتازيّة بشكل يجعلك تصفق لمجرد الجرأة، فما بالك وقد أتقن ما صنع؟!،..
ـ سمعت تصفيق الناس في المطارين المتباعدين، وقد شاهدوه في المطار الفنزويلي، كما شاهدته في مطار القيصومة، يبتعد ويتنحّى جانباً، الفرق أنني لحقت به، فهمس لي: أشعر بالخزي من تفاهة العرض!، صعد بعدها حافلة مع مجموعة من الشباب، بينما عدت لتفقد حقائبي!.
ـ يمكنني القول إن نوعاً من أنواع الاستنساخ هو ما حدث، استنساخ وليس تأثّراً!، لكني لا أقدر على الشرح أكثر، إلا في حالة واحدة، هي أن أقرأ لكم الرواية حرفاً حرفاً!، وهو أمر لا يمكنني القيام به، كل ما هو في مقدوري دعوتكم لقراءة هذا العمل الرفيع، رواية "المؤتمر الأدبي" لسيزار آيرا،..
ـ هذه ربما أول مقالة جاءت لشرح عمل أدبي، وها هي تتوسّل قراءتكم للعمل الأدبي، ليشرح لكم المقالة!.
ـ ما سأفعله غداً، بإذن الله، هو اختيار مقاطع من هذا العمل الروائي المدهش، أما ما بقي لي لأقوله اليوم:
لماذا لا تكون في مطاراتنا، قاعات أو أماكن مفتوحة، لاستيعاب بعض تجارب الشباب السعودي الأدبية والفنيّة، أخص مثلاً مواهب الفن التشكيلي، ما أجمل رؤيتهم منغمسين في أعمالهم، أو أمام لوحاتهم يشرحون، يزيّنون الدنيا، ويترزّقون!.